للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ»: أي: لا تغلوا في مدحي، ولا تصفوني بما ليس فيَّ من الصفات، تبتغون بذلك مدحي، كما غلت النصارى في عيسى؛ حتى ادعوا فيه الربوبية والألوهية (١).

«وهذا النهي عام ... ؛ فيشمل ما يشابه غلو النصارى في عيسى ابن مريم وما دونه، ويكون قوله: (كما أطرت) لمطلق التشبيه لا للتشبيه المطلق؛ لأن إطراء النصارى عيسى بن مريم سببه الغلو في هذا الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - حيث جعلوه ابنا لله وثالث ثلاثة» (٢).

«إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ»: هذا من تواضعه وهضمه نفسه، والمعنى: ليس لي من ملك الربوبية شيءٌ، ولا من حق الألوهية نصيب، ولا أي شيء مما يختص به الله - عز وجل -.

«فَقُولُوا: عَبْدُ الله وَرَسُولُهُ»: بيَّن لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - طريقة مدحه، فقال: صفوني بما وصفني به ربي - عز وجل - بكوني عبدًا من خاصة عبيده، ونبيًّا ورسولًا من عنده (٣).

مناسبة الحديث للباب: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الغلو في حقه بإعطائه شيئًا من خصائص الربوبية أو الألوهية؛ لأن ذلك يفضي إلى الشرك الذي يخرج المسلم من الإسلام، كما أخرج النصارى من دينهم؛ لأنهم غلوا في عيسى عليه السلام (٤).


(١) ينظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (٩/ ٢٥٤)، وفتح المجيد ص (٢٢٦).
(٢) القول المفيد (١/ ٣٧٠).
(٣) ينظر: منار القاري (٤/ ٢٠٨)، والملخص في شرح كتاب التوحيد ص (١٦٣).
(٤) الجديد في شرح كتاب التوحيد ص (١٧٨)، والملخص في شرح كتاب التوحيد ص (١٦٣).

<<  <   >  >>