للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وَلَوْلَا ذَلِكَ»: أي: لولا تحذير النبي - صلى الله عليه وسلم - مما صنعوا، وخشية أن يتخذ قبره مسجدًا، «أُبْرِزَ قَبْرُهُ»: يعني: لأظهر وأخرج قبره، ودفن مع سائر القبور في البقيع أو غيرها (١).

«غَيْرَ أَنَّهُ خُشي أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا»: (خُشِيَ) بضم الخاء على المبني للمجهول، ورُوِيَ (خَشِيَ) بفتح الخاء بالبناء للمعلوم، ورجح بعضهم رواية الضم (٢)، ولكن الروايتان صحيحتان (٣)؛ فعلى رواية الضم يكون الذين خشوا هم الصحابة الكرام، وعلى رواية الفتح يكون الذي خشي هو النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي واقع الأمر: كلا الأمرين صحيح (٤).

«يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا»: من اتخاذهم القبور مساجد، والبناء عليها (٥). وهذه جملة أخرى مستأنفة، هي من كلام الراوي، كأنه سُئِلَ عن حكمة ذكر ذلك في ذلك الوقت؛ فأجاب بهذا الجواب (٦).

خلاصة المقصود: أن الحديث يدل على تحريم بناء المساجد على القبور، وعبادة الله عندها؛ لما في ذلك من تعظيم أصحابها، والتعظيمُ عبادة، وصرفُ العبادة لغير الله شرك، فإذا كان ذلك كذلك فكيف بعبادة أصحاب القبور؟ ! (٧).


(١) ينظر: القول المفيد (١/ ٣٩٧)، والتمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (٢٥٩).
(٢) ينظر: مطالع الأنوار على صحاح الآثار (٢/ ٤٧٩، ٤٨٠).
(٣) ينظر: شرح مسلم للنووي (٥/ ١٢).
(٤) ينظر: تيسير العزيز الحميد ص (٢٧١)، وفتح المجيد ص (٢٣٤)، والقول المفيد (١/ ٣٩٧).
(٥) ينظر: إرشاد الساري للقسطلاني (٦/ ٤٦٧).
(٦) ينظر: الكواكب الدراري (٤/ ٩٧)، وفتح الباري (١/ ٥٣٢)، وعمدة القاري (٤/ ١٩٤).
(٧) ينظر: الجديد في شرح كتاب التوحيد ص (١٨٧).

<<  <   >  >>