للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي ذلك أمرٌ بأداء العبادة من صلاةٍ وغيرها في البيوت، ونهيٌ وتحذيرٌ عن فعلها في القبور، وهذا ما يفعله أهل الشرك من النصارى، ومن تشبه بهم من القبوريين (١).

«وَلَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا»: «العيد: اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد، عائد: إما بعود السنة، أو بعود الأسبوع، أو الشهر، أو نحو ذلك» (٢).

والمعنى: «لا تصيروا قبري مكانًا تعودون إليه؛ أو: تعتادون المجيء إليه في أوقات معلومة؛ فإن هذا قد يوصل إلى أن يعظم النبي - عليه الصلاة والسلام - كتعظيم الله جل وعلا. فاتخاذ القبور عيدًا من وسائل الشرك» (٣).

ووجه الدلالة: أن قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل قبر على وجه الأرض؛ لاحتوائه أفضل مقبور، وقد نهى عن اتخاذه عيدًا. فقبر غيره أولى بالنهي كائنًا من كان (٤).

قال ابن القيم - رحمه الله -: «نهيه لهم أن يتخذوا قبره عيدًا: نهي لهم أن يجعلوه مجمعًا كالأعياد التي يقصد الناس الاجتماع إليها للصلاة، بل يُزار قبره صلوات الله وسلامه عليه كما كان يزوره الصحابة رضوان الله عليهم، على الوجه الذي يرضيه ويحبه، صلوات الله وسلامه عليه» (٥).


(١) ينظر: اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ١٧٢)، وشرح المشكاة للطيبي (٣/ ١٠٤٣).
(٢) اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٤٩٦).
(٣) التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (٢٧٦)، وينظر: شرح المشكاة للطيبي (٣/ ١٠٤٣).
(٤) اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ١٧٢).
(٥) حاشية على سنن أبي داود (٦/ ٢٣).

<<  <   >  >>