للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال شيخنا ابن عثيمين - رحمه الله - شارحًا هذا الكلام ومفصلًا له: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» ليس على ظاهره، بل هو عام مخصوص؛ لأننا لو أخذنا بظاهره كانت جميع هذه الأمة تتبع سنن من كان قبلها، لكننا نقول: إنه عام مخصوص؛ لأن في هذه الأمة من لا يتبع كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق. وقد يقال: إن الحديث على عمومه وأنه لا يلزم أن تتبع هذه الأمة الأمم السابقة في جميع سننها، بل بعض الأمة يتبعها في شيء، وبعض الأمة يتبعها في شيء آخر، وحينئذ لا يقتضى خروج هذه الأمة من الإسلام، وهذا أولى لبقاء الحديث على عمومه» (١).

«حَذْوَ القُذَّةِ بِالْقُذَّةِ»: أي: مثلًا بمثل، وهو مثل للشيئين يستويان، ولا يتفاوتان، والقُذَّة-بضم القاف- واحدة القُذَذ وهي ريش السهم، وله قذتان متساويتان، أي: لتفعلن أفعالهم، ولتتبعن طرائقهم حتى تشبهوهم وتحاذوهم مثلًا بمثل، كما تشبه قذة السهم القذة الأخرى، وهذا مَثَل يُضْرَب للشيئين يستويان، ولا يتفاوتان (٢).

«حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ»: «الجحر- بالضم- هو: السرب الذي يكون في الأرض، ومنه جحر الضب، لأنه يحفر جحرًا من أعسر الجحور، ومع هذا لو دخله اليهود والنصارى لكان في هذه الأمة من يفعل ذلك تقليدًا لهم! » (٣).


(١) القول المفيد (١/ ٤٦٤).
(٢) ينظر: تيسير العزيز الحميد ص (٣١١)، وفتح المجيد ص (٢٦٧).
(٣) إعانة المستفيد (١/ ٣٢٨).

<<  <   >  >>