للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نصَّ عليه أحمد لما رواه في (مسنده) عن عائشة: «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَوَضَعَ فَمَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى صُدْغَيْهِ، وَقَالَ: وَا نَبِيَّاهْ، وَا خَلِيلَاهْ، وَا صَفِيَّاهْ» (١).

وكذلك صح عن فاطمة رضي الله عنها أنها ندبت أباها - صلى الله عليه وسلم - فقالت: «يَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ ... » الحديث (٢).

واعلم أن الحديث المشروح لا يدل على النهي عن البكاء أصلًا، وإنما يدل على النهي عما يذكر في البكاء من التسخط ونحوه.

قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: «البكاء على الميت على وجه الرحمة حسن مستحب ولا ينافي الرضى بقضاء الله، بخلاف البكاء عليه لفوات حظه منه» (٣).

ويدل لذلك قوله عليه الصلاة والسلام لما مات ابنه إبراهيم: «تَدْمَعُ الْعَيْنُ، وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَالله يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ» (٤).

«وَشَقَّ الجُيُوبَ»: الجيوب جمع جيب، وهو طوق القميص الذي يدخل منه الرأس، وذلك عند المصيبة تسخطا وعدم تحمل لما وقع عليه.

«وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ»: المقصود بالدعوى هنا كل دعوى منشؤها الجهل (٥).


(١) المسند ٦/ ٣١ رقم (٢٤٠٧٥)، أبو يعلى في مسنده رقم (٤٨)، والترمذي في الشمائل رقم (٣٩٢٥).
(٢) أخرجه البخاري ٤/ ١٦١٩ رقم (٤١٩٣).
(٣) مجموع الفتاوى ١٠/ ٤٧.
(٤) أخرجه البخاري ٢/ ٨٣ رقم (١٣٠٣)، ومسلم ٤/ ١٨٠٧ رقم (٢٣١٥).
(٥) القول المفيد (٢/ ١١٦).

<<  <   >  >>