للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - , عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «قَالَ اللهُ تَعَالَى: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ، وَأَنَا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ».



{وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ}: «وما يهلكنا فيفنينا إلا مرُّ الليالي والأيام وطول العمر، إنكارًا منهم أن يكون لهم ربٌّ يفنيهم ويهلكهم» (١).
{وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}: «أي يتوهمون ويتخيلون» (٢).
«فإن قلت: فأين مطابقة الآية للترجمة إذا كانت خبرًا عن الدهرية المشركين؟ قيل: المطابقة ظاهرة؛ لأن من سب الدهر فقد شاركهم في سبه، وإن لم يشاركهم في الاعتقاد» (٣).
قوله: «وَفِي الصَّحِيحِ» أي: صحيح البخاري ومسلم (٤).
«يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ» لا يلزم من الأذية الضرر، فالإنسان يتأذى بسماع القبيح أو مشاهدته، ولكنه لا يتضرر بذلك؛ ولهذا أثبت الله الأذية في القرآن، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} [الأحزاب: ٥٧].
«يَسُبُّ الدَّهْرَ» الإخبار عن الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: أن يقصد الخبر المحض دون اللوم، فهذا جائز، مثل أن يقول: تعبنا من شدة حر هذا اليوم أو برده، ومنه قول لوط عليه الصلاة والسلام: {هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} [هود: ٧٧] وكقوله تعالى: {فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} [القمر: ١٩].

<<  <   >  >>