للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ»: (يشهدون): أي الزور (ولا يستشهدون): أي لا تُطْلَب منهم الشهادة؛ لفسقهم أو لاستخفافهم بأمرها وعدم تحريهم الصدق؛ لقلة دينهم وضعف إيمانهم (١).

قد يقول قائل: إن هذا يعارض ما جاء في صحيح مسلم من حديث زيد بن خالد مرفوعًا: «ألا أخبركم بخير الشهداء الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها».

والجواب: أن للعلماء في التوفيق بينهما مسالك: فجنح ابن عبد البر إلى ترجيح حديث زيد بن خالد لكونه من رواية أهل المدينة.

وجنح غيره إلى ترجيح حديث عمران لاتفاق صاحبي الصحيح عليه وانفراد مسلم بإخراج حديث زيد بن خالد.

وذهب آخرون إلى الجمع بينهما فأجابوا بأجوبة أصحها: أن المراد بحديث زيد من عنده شهادة لإنسان بحق لا يعلم بها صاحبها فيأتي إليه فيخبره بها أو يموت صاحبها العالم بها ويخلف ورثة فيأتي الشاهد إليهم أو إلى من يتحدث عنهم فيعلمهم بذلك، وهذا أحسن الأجوبة، وبهذا أجاب يحيى بن سعيد، ومالك بن أنس، وغيرهما.

«وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ»: أي يخونون أماناتهم وعهودهم، إذا ائتمنوا على شيء من الأشياء، ولا يؤتمنون لخيانتهم الظاهرة (٢).

«وَيَنْذِرُونَ وَلَا يُوفُونَ»: أي لا يوفون ما وجب عليهم بالنذر (٣).


(١) حاشية كتاب التوحيد ص (٣٨٠).
(٢) حاشية كتاب التوحيد ص (٣٨٠)، وإعانة المستفيد (٢/ ٢٧٩).
(٣) حاشية كتاب التوحيد ص (٣٨٠).

<<  <   >  >>