للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول المؤرخ حسين بن غنام (ت: ١٢٢٥ هـ): «كان أكثر المسلمين في مطلع القرن الثاني عشر الهجري قد ارتكسوا في الشرك، وارتدوا إلى الجاهلية، وانطفأ في نفوسهم نور الهدى، لغلبة الجهل عليهم، واستعلاء ذوي الأهواء والضلال، فنبذوا كتاب الله تعالى وراء ظهورهم، واتبعوا ما وجدوا عليه آباءهم من الضلالة، وقد ظنوا أن آباءهم أدرى بالحق وأعلم بطريق الصواب» (١).

وقال الشوكاني (ت: ١٢٥٠ هـ): «وكم قد سرى عن تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها الإسلام، منها اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للأصنام، وعظم ذلك فظنوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع الضرر فجعلوها مقصدًا لطلب قضاء الحوائج وملجأً لنجاح المطالب، وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم، وشَدُّوا إليها الرحال، وتمسحوا بها واستغاثوا، وبالجملة: إنهم لم يَدَعُوا شيئًا مما كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه» (٢).

وقال ابن بشر (ت: ١٢٩٠ هـ): «وكان الشرك إذ ذاك قد فشا في نجد وغيرها، وكثر الاعتقاد في الأشجار والأحجار والقبور، والبناء عليها والتبرك بها والنذر لها والاستعانة بالجن والذبح لهم ووضع الطعام لهم وجعله لهم في زوايا البيوت لشفاء مرضاهم ونفعهم وضرهم والحلف بغير الله، وغير ذلك من الشرك الأكبر والأصغر» (٣).

وقد رأى الإمام محمد بن عبد الوهاب هذه المظاهر الشركية ببلاد نجد وغيرها من البلدان، فعندما زار الحجاز كان يسمع الاستغاثاتِ الشركيَّةَ


(١) تاريخ ابن غنَّام ص (١٣).
(٢) نيل الأوطار (٤/ ١٠٢).
(٣) عنوان المجد في تاريخ نجد (١/ ٣٤).

<<  <   >  >>