للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتبين بهذا (١)، وبما قدمنا ذكره: أن الإمام والمأموم شركاء في الصلاة , وليس يجوز الاشتراك إلا فيما تستوي فيه النيات (٢) *؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لَتُسوُّنَ صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم (٣). أفتراه - صلى الله عليه وسلم - يأمرهم بهذا في الصفوف التي لو اختلفت لكانت الصلاة تامة عند الأمة، إذا كانوا يأتمون بإمامهم , ويبيحهم اختلاف النيات، فيكون الإمام يصلي صلاة، والمأموم يصلي غيرها، هذا مالا يظنه ذو عقل وروية (٤) , وقد عيّر الله قوماً في غير الصلاة فقال: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} (٥)، والصلاة من أجلّ الفرائض , وقد فضل الاجتماع فيها، أفيجوز ذلك على أن قلوبهم مختلفة؟ فأي اجتماع هذا؟ (٦)


(١) يريد المؤلف بذلك أن يشير إلى قضية النسخ، وتأخر رواية هؤلاء لهذه الأحاديث، وفيه نظر، فحتى على التسليم بأن بعضهم لم يبلغ يوم أحد، فلا يمنع هذا من تحملهم للحديث وروايتهم له، وإخبارهم عما حصل فيه.
(٢) هذا ينتقض بجواز صلاة المفترض خلف المتنفل، كما سيأتي من كلام ابن العربي.
* لوحة: ١٥٢/أ.
(٣) صحيح البخاري: ١/ ٢٥٣ باب تسوية الصفوف عند الإقامة كتاب الجماعة والإمامة من حديث النعمان بن بشير، صحيح مسلم: ١/ ٣٢٤ كتاب الصلاة حديث: ١٢٧.
(٤) هذا أيضاً ينتقض بجواز صلاة المتطوع خلف المتنفل، ولعل المؤلف هنا يعرض بالإمام الشافعي.
(٥) [سورة الحشر: الآية ١٤]
(٦) قال ابن العربي عند تفسير هذه الآية: تعلق بعض علمائنا من هذه الآية في منع صلاة المفترض خلف المتنفل حسبما بيناه في مسائل الخلاف؛ لأنهم مجمعون على صورة التكبير والأفعال، وهم مختلفون في النية، وقد ذم الله ذلك فيمن فعل ذلك فيشمله هذا اللفظ ويناله هذا الظاهر.

وهذا كان يكون حسناً بيد أنه يقطع به اتفاق الأمة على جواز صلاة المتنفل خلف المفترض، والصورة في اختلاف النية واتفاق الفعل والقول فيهما واحد، فإذا خرجت هذه الصورة عن عموم الآية، تبين أنها مخصوصة في الطاعات، وأنها محمولة على ما كان من اختلاف المنافقين في الأذية للدين ومعاداة الرسول - صلى الله عليه وسلم -. [أحكام القرآن: ٢/ ٢٢٣]

<<  <   >  >>