للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويضعه حيث أراه الله؛ لأن قوله: {فَأَنَّ! خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} فإنما أريد أنه يصرف في مرضات الله ومرضات الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

وقال سعيد بن المسيب (١): إنما كان النفل من الخمس ولا نفل إلا من الخمس (٢).

ونُفِّل أنس بن مالك في بعض المغازي فأعطاه أمير السرية، فأبى أن يأخذ إلا من الخمس بعد القسم (٣).

وقد كان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فنسخ ذلك بما جعل للجيش، وجعل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الخمس يصنع فيه ما شاء، فصار الخمس بمنزلة الأنفال التي كانت ببدر، وتنفل النبي - صلى الله عليه وسلم - من بدر سيفه ذا الفقار (٤).

ومما يبين ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى المؤلفة يوم حنين من الخمس (٥)، فلو لم يكن إليه أن يعطي إلا من شيء هو له ـ وهو خمس الخمس ـ على ما قال الشافعي (٦)؛ لم


(١) هو: سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي أبو محمد القرشي، سيد التابعين، وعالم أهل المدينة، كان قويا في الحق عزيز النفس، توفي بالمدينة سنة ٧٣ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (٥/ ٦٠) والبداية والنهاية (٩/ ١٠٥).
(٢) أخرجه عبد الرزاق [٥/ ١٩٢ كتاب الجهاد، باب لا نفل إلا من الخمس] وابن أبي شيبة [٦/ ٥٠٠ كتاب السير، باب في الإمام ينفل قبل الغنيمة] من طريق يحي بن سعيد، عن ابن المسيب، بنحوه.
(٣) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار [٣/ ٢٤٢ باب النفل بعد الفراغ من قتال العدو] عن ابن سيرين، أن أنس بن مالك كان مع عبيد الله بن أبي بكرة في غزاة غزاها، فأصابوا سبيا، فأراد عبيد الله أن يعطي أنسا من السبي قبل أن يقسم، فقال أنس: لا، ولكن اقسم ثم أعطني من الخمس، قال: فقال عبيد الله: لا إلا من جميع الغنائم، فأبى أنس أن يقبل منه، وأبى عبيد الله أن يعطيه من الخمس شيئا.
(٤) أخرجه ابن ماجه [٢/ ١٣٨ أبواب الجهاد، باب السلاح] والترمذي [٣/ ٢٠٢ كتاب الجهاد، باب النفل] وقال: هذا حديث حسن غريب، والحاكم [٢/ ١٤١ كتاب قسم الفيء] وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، قال الذهبي: صحيح، والبيهقي [٦/ ٣٠٤ كتاب قسم الفيء والغنيمة، باب سهم الصفي].
(٥) خبر إعطاء المؤلفة قلوبهم أخرجه البخاري [٨٨٩ كتاب المغازي، باب غزوة الطائف] ومسلم [٢/ ٦٠٤ كتاب الزكاة] من حديث عبد الله بن زيد.
(٦) هو: محمد بن أدريس الشافعي، أبو عبد الله القرشي، الفقيه المجتهد المجدد، إمام الشافعية، من مؤلفاته: الأم، والرسالة، توفي سنة ٢٠٤ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء (١٠/ ٥) وطبقات الشافعية (١/ ١٩٢).

<<  <   >  >>