للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال محمد بن مَسْلمة (١): ومما يبين ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ? يذهب كسرى فلا كسرى بعده، وإذا ذهب قيصر فلا قيصر بعد، أما والذي نفسي بيده لتُنْفَقن كنوزهما في سبيل الله? (٢) فإذا كانت كنوزهما قد أخذت عنوة ومَلَك الجيش أربعة أخماسه، وهل ينفق في سبيل الله إلا الخمس، ولم يسم سبيل الله لا في القربى ولا في الخمس، ولكنه كان مما إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وولاة الأمر من بعده وهم المخاطبون، فبين - عليه السلام - واستنوا به.

ومما يبين أن ذلك إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ أنه لم يذكر في الصدقات، ولم يُعْطِ الرسول - صلى الله عليه وسلم - منها إلا من سُمي بحسب الاجتهاد في ذلك.

ومما يبين ذلك ـ أيضا ـ إعطاء المؤلفة والسلب، ولو كان مقصودا على قوم لم يعدل به عنهم.

ومما يبين ذلك ـ أيضا ـ قوله في القرآن: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} (٣) جعله إلى الرسول مجملا ثم رده مفرقا فقال: {وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} فبين أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقسمه فيما يراه من تفضل وزيادة؛ لقوله: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ولو كانت في تلك الوجوه؛ لم يقل: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} وقد حصلت لقوم مُسَمَّين.


(١) هو: محمد بن مسلمة بن هشام المخزومي أبو هشام، أحد فقهاء المدينة من أصحاب الإمام مالك، قال عنه في الجرح والتعديل: " قال عنه أبي: مدني ثقة " ينظر: الجرح والتعديل (٨/ ٧١) والثقات (٩/ ٥٥).
(٢) أخرجه البخاري [٦٣٤ كتاب فرض الخمس، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أحلت لكم الغنائم] ومسلم [٤/ ١٧٧٢ كتاب الفتن وأشراط الساعة] من حديث أبي هريرة، بنحوه.
(٣) سورة الحشر (٧).

<<  <   >  >>