للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وزعم الشافعي أن ذلك من خمس الخمس، وهو مما لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١)، وهو خطأ من جهات، منها: أنه لم يعرف الحساب؛ لأن السهمين (٢) إذا كانت اثنا عشر بعيرا علم أن الخمس ثلاثة أباعر، فكيف يكون خمس ثلاثة واحد (٣).

ومن العجب أنه جعل لرسول الله منهما يقاسم به الأيتام والمساكين، ولم يرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مشاركة المساكين والأيتام، وجعله لهم نظيرا.

والوجه الثالث: الرد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله؛ لأنه قال: ? لي الخمس كله، وهو مردود عليكم? (٤) وإنما يأخذ من الدنيا ما يكفيه وعياله بالمعروف، بل دون الكفاية ترفعا وتنزها عن الدنيا، إذ كانت حقيرة عند الله حين قال جل من قائل: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} (٥) إلى


(١) ينظر: كتاب الأم (٤/ ١٥٠).
(٢) كذا في الأصل السهمين، تثنية سهم، وهو تحريف، والصواب: السُّهْمَان جمع سهم، قال في اللسان مادة: سهم: " السهم الحظ، والجمع سُهْمان ".
(٣) استدراك المؤلف ـ رحمه الله ـ على الشافعي قائم على اعتبار أن النفل جميعه بلغ اثني عشر بعيرا، والظاهر أن هذا وهم، فإن سياق الحديث ـ كما تقدم ـ يدل على أن سهم كل رجل من البعث بلغ اثني عشر بعيرا، وزادت السرية التي كان فيها عبد الله بن عمر، بتنفيلها بعيرا واحدا، وهذا ظاهر من لفظ الحديث ـ ولا سيما ـ اللفظ الذي أخرجه البيهقي [٦/ ٣٢١ كتاب قسم الفيء والغنيمة، باب الوجه الثاني من النفل] (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث بعثا قبل نجد، فبعث من ذلك البعث سرية فيهم عبد الله بن عمر، فحدث عبد الله بن عمر أن سهام البعث بلغت اثني عشر بعيرا، ونفَّل أصحاب السرية التي فيها عبد الله سوى ذلك بعيرا بعيرا، فكان لأصحاب السرية ثلاثة عشر ثلاثة عشر، ولأصحاب البعث اثنا عشر اثنا عشر) قال ابن حجر في الفتح (٦/ ٢٣٩): " وقد وهم بعضهم أن ذلك جميع الأنصباء، قال النووي: وهو غلط ".
(٤) تقدم في حديث عبادة الطويل، في أول كلام المؤلف عن هذه الآية، ما هو في معناه.
(٥) سورة الزخرف (٣٣).

<<  <   >  >>