للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آخر الآية، وإنما أعطاه مفاتيح خزائن الأرض لعلمه بأن سيردها، فيدخر له ذلك في آخرته.

أما قول الشافعي في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ? من قتل قتيلا فله سلبه? (١) وأن ذلك على العموم (٢)، فواضح الخطأ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد غزا غزوات كثيرة، وقع فيها مغانم ولم يقل ذلك إلا مرة واحدة، فقد يجوز أن يكون ذلك في ذلك اليوم وحده، وليس على الوجوب على مر الدهور، ألا تراه قال لخالد (٣): أعطه ثم قال: لا تعطه؛ لأن أبا قتادة (٤) كان خاطبه في أمر المَدَدي (٥) القاتل وهدده، فلما قال أبو قتادة لخالد: ألم أف لك يا خالد؟ قال: لا تعطه، ولو كان واجبا ما عاقب ـ بقول أبي قتادة ـ فمنع، وإنما كان له أن يتفضل به، فلما شبب بما يقدح في الإمارة منعه، ألا تراه قال - عليه السلام - عقيب ذلك: ? مالكم وأمرائي إنما لكم صفوة أمرهم وعليهم كدره? (٦) ولو كان السلب على العموم لما جاز للإمام أن يدخل الأسلاب في القَسْم ويوقفها لأهلها إذًا.


(١) تقدم تخريجه ص ٢٢٥.
(٢) ينظر: كتاب الأم (٤/ ١٤٩) و (٧/ ٣٦٤).
(٣) هو: خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي أبو سليمان، أحد فرسان العرب وقادتها، أسلم قبل فتح مكة، سماه رسول الله سيف الله، له مآثر عظيمة في قتال الفرس والروم، توفي بحمص سنة ٢١ هـ ينظر: طبقات بن سعد (٤/ ٤٤٦)، والإصابة (٣/ ٧٠).
(٤) المشهور كما في كتب السنن أن الذي تكلم في شأن المددي عوف بن مالك الأشجعي - رضي الله عنه -، ويأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ تخريج الحديث بعد تمام سياقه.
(٥) المددي نسبة إلى المدد، قال في لسان العرب (١٣/ ٥١): " الأمداد جمع مدد وهم الأعوان والأنصار الذين كانوا يمدون المسلمين في الجهاد "، وقال النووي في شرح مسلم (١٢/ ٦٥): " قوله: ورافقني مددي، يعني رجل من المدد، والذين جاؤوا يمدون جيش مؤته ويساعدونهم "
(٦) أخرجه مسلم [٣/ ١١٠٢ كتاب الجهاد] من حديث عوف بن مالك - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>