للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويوم الحج الأكبر يوم النحر (١)، فلم يحج في العام الذي حج فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع مشرك، وأنزل الله تعالى في العام الذي نبذ فيه أبو بكر - رضي الله عنه - إلى المشركين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِن اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (٢) فكان المشركون يوافون بالتجارة فينتفع منها المسلمون، فلما حرم الله على المشركين أن يقربوا المسجد الحرام، وجد المسلمون في أنفسهم مما قطع عنهم من التجارة التي كان المشركون يوافون بها، فقال الله ـ عز وجل ـ: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ} ثم أحل في الآية التي تبعتها الجزية، ولم تكن تؤخذ قبل ذلك، فجعلها عوضا مما منعهم من موافاة المشركين لتجاراتهم، فقال: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ} إلى قوله: {وَهُمْ صَاغِرُونَ} (٣) فلما أحق الله تبارك وتعالى ذلك للمسلمين، عرفوا أنه قد عاضهم أفضل مما كانوا وجدوا عليه مما كان المشركون يوافون به من التجارة (٤).


(١) في تعيين يوم الحج الأكبر خلاف مشهور بين السلف، ذكره المؤلف عند قوله تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} [التوبة: ٤].
(٢) سورة التوبة (٢٨).
(٣) سورة التوبة (٢٩).
(٤) أخرجه البيهقي [٩/ ١٨٥ كتاب الجزية، باب من يؤخذ منه الجزية] به.
وهو عند البخاري [٦٤٩ كتاب الجزية، باب كيف ينبذ] ومسلم [٢/ ٨٠١ كتاب الحج] مختصرا.
قال البيهقي: " رواه البخاري ... إلى قوله: (حجة الوداع مشرك) دون ما بعده، وأظنه من قول الزهري ".

<<  <   >  >>