للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما من قال: إنه أريد الحج الأكبر لم يرد العمرة، وأن العمرة الحج الأصغر ففيه: أن الله أوجب حجين وهو قصدان (١)، وقد كفانا ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما سئل: أفي كل عام؟ قال: ? لا ولو قلتها لوجبت ولكن مرة واحدة? (٢) وسئل عن العمرة أواجبة هي؟ فقال: ? لا، ولأن (٣) تعتمر خير لك? (٤) وقال الله سبحانه: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (٥) وهذا في المتطوع بهما، فأمروا بإتمام ما دخلوا فيه، وأعلموا أن ليس لهم قطعه وإن كان متطوعا به، وسماهما الله تبارك الله باسمين، وكل واحد منهما يقتضي غير ما يقتضيه الآخر، والله أعلم بما أراد من ذلك.

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ? أفضل الأيام يوم النحر ثم يوم النفر (٦)? (٧).

قال الله ــ عز وجل ــ: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ} (٨).

معنى هذه الآية ما أَمَر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن ينادى به: ألا يحج بعد العام مشرك (٩)، فكان ذلك نهيا عن الحج بالاختصار الموجز، الذي لا تبلغه فصاحة فصيح، وليس القصد في ذلك لدخول المسجد، ولو كان قصد به المسجد لما قيل: {بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} لأن دخول المسجد يتصل وليس له وقت بعينة، ولكن لما جعلهم الله أنجاسا بكفرهم، لم يجر إباحة المسجد الحرام لهم،


(١) كذا في الأصل، ويحتمل وهما قصدان.
(٢) أخرجه مسلم [٢/ ٧٩٥ كتاب الحج] بنحوه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
والسائل هو الأقرع بن حابس - رضي الله عنه -، كما جاء مصرحا به عند الحاكم [٢/ ٣٢١ كتاب التفسير، سورة آل عمران] وغيره، من حديث ابن عباس، قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(٣) كذا في الأصل، وفي المصادر التي أخرجت منها الحديث: (وأن).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة [٣/ ٢٢٣ كتاب الحج، باب من قال العمرة تطوع] وأحمد (٣/ ٣١٦) وأبو يعلى (٣/ ٤٣٣) والدارقطني [١/ ٢٢٣ كتاب الحج، باب المواقيت] والبيهقي [٤/ ٣٤٩ كتاب الحج، باب من قال العمرة تطوع] وضعفه، من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهم -.
والسائل هو جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - كما جاء مصرحا به عند الدارقطني، والبيهقي ـ الإحالة السابقة ـ.
(٥) سورة البقرة (١٩٦).
(٦) كذا في الأصل: النفر، وهو بهذا اللفظ عند أحمد (٣/ ٣٥٠) في النسخة المطبوعة، وعلق على هذا محققو المسند (٣١/ ٤٢٧) فقالوا: " وهو تحريف، وقد جاءت على الصواب في هامش (ظ ١٣) وكذلك جاءت على الصواب في مصادر التخريج، وشرح عليها السندي فقال: يوم القر، هو اليوم الثاني الذي يلي يوم النحر؛ لأن الناس يقرون فيه بمنى بعد أن فرغوا من طواف الإفاضة والنحر واستراحوا " وهو بلفظ: القر، في المصادر التي خرجت منها الحديث كما في الهامش بعده.
(٧) أخرجه ابن خزيمة [٤/ ٣١٥ كتاب الحج، باب فضل يوم النحر] وأبو داود [٢/ ٨٢ كتاب الحج، باب في الهدي إذا عطب قبل أن يبلغ] والنسائي في الكبرى [٢/ ٤٤٤ كتاب الحج، باب فضل يوم النحر] والحاكم [٤/ ٢٤٦ كتاب الأضاحي] بزيادة في آخره، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، والبيهقي [٥/ ٢٣٧ كتاب الحج، باب نحر الإبل قياما] من حديث عبد الله بن قُرْط - رضي الله عنه -.
(٨) سورة التوبة (٢٨).
(٩) تقدم تخريجه ص ٢٧.

<<  <   >  >>