للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكتاب الله يوجب إلحاقهم بهم، قال سبحانه: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} (١) قال ابن عباس - رضي الله عنه -: كلوا من ذبائح بني تغلب، فإن الله تبارك وتعالى (٢): {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى (٣) أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (٤)، فلو لم يكونوا منهم إلا بالولاية لكانوا منهم.

والذي عليه العمل في مشركي العرب: الإسلام أو القتل، قال الله تبارك وتعال: {اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (٥) وقال: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} (٦) وقال: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (٧) فعلم أنه لا يجوز أن يستأنف بهم عهد بعد التبرؤ منهم.

وكل ما في القرآن من ذكر المشركين فإنما عُنِىَ به العرب (٨)، قال الله ـ عز وجل ـ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (٩) فأخذت الجزية من هذه الطبقات كلها، إلا مشركي العرب، ولا نعلم سلطان الإسلام بلغ إلى موضع من بلاد الكفار إلا وأهله من إحدى هذه الطبقات.

فأما الزِّنْج (١٠) ومن أشبههم ممن ليس له ديانة تعرف، فإن مالكا قال فيمن سبي منهم: إنهم يجبرون على الإسلام (١١).


(١) سورة المائدة (٥١).
(٢) كذا في الأصل، والسياق يقتضي زيادة كلمة نحو: يقول، وقد جاء الأثر بهذه الزيادة فيما أخرجه الطبري في تفسيره (٤/ ٦١٨).
(٣) لوحة رقم [٢/ ١٦٢].
(٤) سورة المائدة (٥١).
والأثر أخرجه عبد الرزاق [٧/ ١٨٧ كتاب الطلاق، باب نصارى العرب] والطبري تفسيره (٤/ ٦١٨).
(٥) سورة التوبة (٥).
(٦) سورة التوبة (٣٦).
(٧) سورة التوبة (١).
(٨) لعل المؤلف ـ رحمه الله ـ يقصد بهذا حكما أغلبيا، وإلا فإن بعض المواضع التي ورد فيها ذكر المشركين لم يُرد به المشركين من العرب، نحو قوله تعالى: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [آل عمران: ٦٧] وكقوله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ} [الروم: ٤١] وكقوله تعالى ذاكرا قول إبراهيم - عليه السلام -: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: ٧٩].
(٩) سورة الحج (١٧).
(١٠) قال في اللسان مادة: زنج: " الزِّنْج والزَّنْج لغتان، جيل من السودان، وهم الزنوج، واحدهم زنجي ".
(١١) ينظر: أحكام القرآن للجصاص (٤/ ٢٨٣).

<<  <   >  >>