وذهب كثير من المفسرين إلى أن الضمير عائد إلى الأشهر الأربعة، وهو اختيار ابن جرير ـ رحمه الله ـ. والمؤلف ـ رحمه الله ـ صحح العموم في كل الشهور، على اعتبار أن النهي عن الظلم ومواقعة الخطايا، لا يختص بشهر دون شهر، وهذا وإن كان صحيحا في ذاته، فإنه لا يمتنع أن يرد الشرع بتخصيص زمان أو مكان تعظم فيه الحسنات وتغلظ فيه السيئات، ومعلوم أن الشرع قد ورد بتعظيم الأشهر الحرم خصوصا في غير هذا الموضع كقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: ٢١٧]، قال ابن العربي: " فإن الله إذا عظم شيئا من جهة، صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو من جهات، صارت له حرمة متعددة بعدد جهات التحريم، ويتضاعف العقاب بالعمل السوء فيها، كما ضاعف الثواب بالعمل الصالح فيها، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام، في البلد الحرام، والمسجد الحرام، ليس كمن أطاعه في شهر حلال، في بلد حلال، في بقعة حلال، وكذلك العصيان والعذاب مثله، في الموضعين والحالين والصفتين، وذلك كله بحكم الله وحكمته ". ينظر: جامع البيان (٦/ ٣٦٦) ومعالم التنزيل (٢/ ٢٨٩) وأحكام القرآن (٢/ ٤٩٩) وزاد المسير ص ٥٨١.