للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى قوله: {زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ} (١).

روى ثور بن زيد (٢) عن عكرمة (٣) عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب في حجة الوداع فقال: ? يا أيها الناس اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد يومي هذا في هذا الموقف: أيها الناس إن دماءكم وأموالكم حرام إلى يوم تلقون ربكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، وإنكم ستلقون ربكم، فيسألكم عن أعمالكم، وقد بلغت، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، وإن كل ربا موضوع، لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون، فقضى الله ـ تبارك وتعالى ـ ألا ربا، وإن ربا العباس بن عبد المطلب موضوع كله، وإن كل دم كان في الجاهلية موضوع، وإن أول دمائكم أضع: دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب (٤)، كان مسترضعا في بني ليث (٥) فقتلته هذيل (٦)، فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية، وإن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم، ولكنه أن يطمع فيما سوى ذلك ـ مما تحاقرون من أعمالكم ـ فقد رضي، فاحذروه أيها الناس على دينكم، وإن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا، يحلونه عاما ويحرمونه عاما، ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم؛ ثلاثة متوالية، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان? وذكر سائر الحديث (٧)، وروي مثل ذلك عن جماعة.

وأصل النسيء: إنما كان رجل من بني (٨) كنانة ثم من بني فُقَيم، يعرف بالقَلَمَّس (٩)، واسمه حُذيفة (١٠) نَسَأَة، فقال فيه الشاعر:


(١) سورة التوبة (٣٧).
(٢) هو: ثور بن زيد مولى بني الديل، أبو خالد الكناني، روى عن عكرمة والحسن البصري، وروى عنه مالك والدراوردي، وأخرج له أهل السنن، وثقه ابن معين وأبو زرعة، مات بحمص سنة ١٥٠ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (٧/ ٢٢٨)، وتهذيب التهذيب (١/ ٤٠١).
(٣) هو: عكرمة البربري، أبو عبد الله مولى ابن عباس، روى عن علي ابن أبي طالب وابن عباس، وروى عنه ثور بن زيد والنخعي، ثقة ثبت عالم بالتفسير، مات بالمدينة سنة ١٠٤ هـ. ينظر طبقات ابن سعد (٥/ ١٤١) وطبقات المفسرين للداودي (١/ ٣٨٦).
(٤) اختلف في اسمه فقيل: الحارث بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وقيل: آدم بن ربيعة، وقيل: إياس، وقد قتل وهو صغير زمن الجاهلية، قال ابن سعد: قتله بنو ليث بن بكر في حرب كانت بينهم، وكان الصبي يحبو أمام البيوت، فرموه بحجر فأصابه فرضخ رأسه. ينظر: طبقات ابن سعد (٤/ ٣٤٣) وتهذيب التهذيب (٢/ ١٥٥).
(٥) هم: بنو الليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة، من مضر، ويتفرع عنهم بنو الملوح بن يعمر، كانوا يقيمون حول مكة. ينظر: العقد الفريد (٣/ ٢٩٣) ومعجم قبائل العرب (٣/ ١٠١٩).
(٦) هم: أبناء مدركة بن إلياس بن مضر بن عدنان، وهم بطون كثيرة أكبرها لحيان وسعد، كانت ديارهم بالسروات بالحجاز، وكان بها صنمهم مناة الطاغية. ينظر: العقد الفريد (٣/ ٢٩٢) ومعجم قبائل العرب (٣/ ١٢١٣).
(٧) أخرجه الحاكم [١/ ١٧١ كتاب العلم] من طريق ثور بن زيد بنحوه، وصححه.
وأخرجه البيهقي [١٠/ ١١٤ كتاب آداب القضاء، باب ما يقضي به القاضي] من طريق ثور بن زيد مختصرا
والحديث مخرج في كتب الصحاح والسنن من رواية عدد من الصحابة ـ كما أشار المؤلف رحمه الله ـ: منها: ما أخرج البخاري [٩٧٠ كتاب التفسير، سورة التوبة] وغيره، من حديث أبي بكرة - رضي الله عنه -.
ومنها: ما أخرج مسلم [٢/ ٧٢٤ كتاب الحج] وغيره، من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -.
ومنها: ما أخرج البيهقي [٨/ ٢٧ أبواب تحريم القتل، باب إيجاب القصاص على القاتل] وغيره، من حديث عمرو بن الأحوص - رضي الله عنه -.
ومنها: ما أخرجه البيهقي [٥/ ١٥١ كتاب الحج، باب خطبة الإمام بمنى] من حديث سراء بنت نبهان رضي الله عنها.
(٨) لوحة رقم [٢/ ٧].
(٩) القَلَمَّس: قال في القاموس، مادة: قلمس: " القلمس كعلمس، الكثير الماء من الركايا، والبحر، والرجل الخير المعطاء، والسيد العظيم، والرجل الداهية المنكر البعيد الغور".
(١٠) هو: حذيفة بن عبد بن فقيم من بني الحارث بن مالك بن كنانة، وقد ذكر المؤلف طرفا من خبره يغني عن ترجمته. ينظر: العقد الفريد (٣/ ٢٩٣).

<<  <   >  >>