للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للإمام القرطبي، فقد حوى بحوثا ومسائل قَلّ أن تراها في غيره، خاصة ما تعلق باستنباط الأحكام الشرعية (١).

ثالثا: ومن الآثار الطيبة المباركة لهذا الاتجاه في التفسير، أنه ربط الناس بالدليل، وقيدهم بالنص، فهما واستنباطا، فعلى نصوص الكتاب يردون، وعن دلالتها يصدرون، معتمدين على دلالات القرآن الكريم فهما واختيارا، على نحو لا تجده في بعض المؤلفات التي جُردت عن الدليل من الكتاب والسنة.

رابعا: تفاسير الفقهاء تطبيق عملي للتّأصيل الفقهي، الذي قرره الأئمة في كتب أصول الفقه وقواعده، على اختلاف مذاهبهم، على نحو بديع مُعْجِب، يُنَمي في طالب العلم بعامة، والمشتغل بتفسير كلام الله بخاصة، ملكة الاستدلال، ويذكي جذوة الاستنباط، ويوقفه على طرائق العلماء في فهم الخطاب، ومنازعهم في الاستدلال. خامسا: اعتنت تفاسير آيات الأحكام، بتحرير مذاهب الأئمة ـ ولا سيما الأئمة الأربعة ـ في المسائل الفقهية، التي تدل عليها آيات القرآن الكريم، وقربتها للناس، ووَطَّأَت أكنافها لهم، على نحو استغنى به كثير من المؤلفين عن الرجوع إلى كتب المطولات والأمهات الفقهية، يقول د. علي العبيد " ومن هنا سهل على الباحثين والفقهاء الإطلاع على الأحكام الشرعية، وفق مذاهب الأئمة، من خلال الآيات القرآنية" (٢).

سادسا: تميزت تفاسير آيات الأحكام بعنايتها بتقرير قول المذهب، واختيار الأصحاب فيه، والاستدلال له، والجواب عن مسلك المخالف، على نحو قوي مقنع، فالناظر ـ مثلا ـ في تقرير الجصاص لمذهب أبي حنيفة وانتصاره له، يحسب أن الصواب معه،


(١) مقدمات أساسية في علوم القرآن ص ٣٧١.
(٢) تفاسير آيات الأحكام ومناهجها ص ٦٢.

<<  <   >  >>