للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنه لم يدع لمتكلم مقالا، فإذا نظر فيما حققه ابن العربي المالكي وأَصّلَه، استدلالا لمذهب مالك، تردد بين القولين، واحتار بين الرأيين، أيهما بالصواب أشبه، وإليه أقرب.

ومع هذه الآثار الطيبة المباركة، وغيرها مما لم يُذكر، فإن أكثر المآخذ على هذا المنحى في التفسير والاتجاه في التأليف، أنه خرج بالتفسير عن مقصوده، إلى بحوث فقهية صِرْفَة، لا تعلق لآيات القرآن بها، وفي هذا يقول أبو حيان الأندلسي: " وقد تعرض المفسرون في كتبهم لحكم التسمية في الصلاة، وذكروا اختلاف العلماء في ذلك، وأطالوا التفاريع في ذلك، وكذلك فعلوا في غير ما آية، وموضوع هذا كتب الفقه، وكذلك تكلم بعضهم عن التعوذ وعلى حكمه، وليس من القرآن بإجماع، ونحن في كتابنا هذا لا نتعرض لحكم شرعي، إلا إذا كان لفظ القرآن يدل على ذلك الحكم، أو يمكن استنباطه منه بوجه من وجوه الاستنباطات " (١).

ومما أُخِذ على هذا الاتجاه في التفسير، أن أكثر المؤلفات فيه اتسمت بالتعصب للمذهب، والانتصار لقول إمامه، حتى إنه من النادر جدا أن ترى فيها اختيارا يخالف المذهب، وهذا النوع من التعصب للمذهب يَحْمِلُ على الحِّدَة على المخالف، بل ربما أودى به التعصب إلى البغي أحيانا، على تفاوت بين المؤلفين، بين مقل ومستكثر، يقول الذهبي: " ولقد بلغ الأمر ببعض هؤلاء المقلدة، إلى أن نظروا إلى أقوال أئمتهم كما ينظرون إلى نص الشارع، فوقفوا جهدهم العلمي، على نصرة مذهب إمامهم وترويجه، وبذلوا كل ما في وسعهم لإبطال مذهب المخالف وتفنيده .. " (٢).


(١) البحر المحيط (١/ ١٢٩).
(٢) التفسير والمفسرون للذهبي (٢/ ٤١٦).

<<  <   >  >>