للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا لم يكن في المصحف إلا ألف واحدة كانت القراءة الموافقة لها أولى (١) وهي أيضا أصح في المعنى (٢) فيكون أَمَرْنا خفيفة، فإن كانت أمرناهم بالطاعة فذاك، وإن كانت على ما تعرفه العرب بلسانها كثرنا فحسن أيضا؛ لأنه ليس يكاد يهلك الناس إلا بفساد عامتهم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل له: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: (نعم، إذا كثر الخبث) (٣).

قال الله عز وجل: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (٢٣) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} (٤)

قرأها أهل الحجاز وأهل العراق: (من الذُل) بالضم، وكسر

قوم (٥)، وجميعا لغتان في القرآن، قال الله: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ} (٦) وقال: {خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} (٧).


(١) الظاهر أن القراءات الثلاث كلها موافقة لرسم المصحف، وإنما الاختلاف من حيث الضبط، وقد سبق أن ثنتان منها متواترة، وهما (أَمَرْنا) و (آمَرْنا) والثالثة شاذة وهي: (أَمَّرْنا).
(٢) ينظر في معنى (أمرنا): تفسير البحر المحيط (٦/ ١٧) ومفردات الراغب (٢٠) وغريب الحديث للحربي (١/ ٨٦).
(٣) أخرجه البخاري [٦٨٣ كتاب الأنبياء، باب قصة يأجوج ومأجوج] ومسلم [٤/ ١٧٤٩ كتاب الفتن وأشراط الساعة].
(٤) سورة الإسراء (٢٣/ ٢٤).
(٥) أما قراءة الضم فهي قراءة الأئمة العشرة، وأما قراءة الكسر فقد قرأ بها ابن عباس وعروة بن جبير والجحدري وابن وثاب، وهي قراءة شاذة. ينظر: شواذ الكرماني ( ... ) وإعراب القراءات الشواذ للعكبري ( ... ) والمحتسب ( ... ) ومفتاح الكنوز للقباقبي ( ... ) والبحر المحيط (٦/ ٢٦) ..
(٦) سورة البقرة (٦١).
(٧) سورة الشورى (٤٥).

<<  <   >  >>