للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان شريح لا يجوز شهادة القاذف بقبول (١) توبته بينه وبين ربه (٢)، وتابعه على ذلك سعيد بن جبير، وإبراهيم، وروايته عن مسروق تخالف الأول، وعن الحسن مثل ذلك (٣).

فأما حديث عمرو بن شعيب فقد ذكرنا ما فيه، وفيه أيضا: ? خائن وخائنة? وكلنا يجيز شهادتهما إذا تابا، وتوبة القاذف مخالفة لتوبة الخائن، وسائر المحدودين في الحدود كلها؛ لأن توبة القاذف إكذاب نفسه وتوبة الآخرين بأفعال تظهر منهم وندم.

وأما مسروق والحسن وسعيد بن جبير ومجاهد؛ فعنهم اختلاف، وقد ذكرناه.

وأما شريح وإبراهيم فكان عندهما أن توبة القاذف تكون كتوبة غيره تخفى عنهم لقولهما: إنها بينه وبين ربه ـ عز وجل ـ.

وهذا قول من لم يتأمل أمر القاذف، القاذف لم نجلده لأنه كاذب لا محالة، قد يجوز أن يكون في قذفه بَرْا صادقا، وإنما حَدَدَناه لخفاء صدقه، وعجزه عن الشهداء، وأنه قد كان يجوز له ستر ما علمه إن كان علمه، بل يلزمه ذلك إذا لم تدعه إليه ضرورة، كما تدعو الرجل في زوجته إذا رأى ذلك منها، فذلك مباح له الرمي؛ لأن له مخرجا منه


(١) كذا في الأصل، ويحتمل: يقول.
(٢) أخرجه البيهقي [١٠/ ١٥٦ كتاب الشهادات، باب من قال لا تقبل شهادته] به.
(٣) أخرجه عبد الرزاق [٨/ ٣٦٢ كتاب الشهادات، شهادة القاذف] عن الحسن وشريح والنخعي.
وأخرجه ابن أبي شيبة [٤/ ٣٢٤ كتاب الأقضية، في شهادة القاذفين من قال لا تجوز شهادته إذا تاب] عن شريح وإبراهيم النخعي.
وأخرجه الطبري في تفسيره (٩/ ٢٦٨) عن شريح وابن المسيب والحسن والنخعي. ...
وأخرجه البيهقي [١٠/ ١٥٢ كتاب الشهادات، باب شهادة القاذف] عن الحسن وابن جبير وإبراهيم النخعي.
أما الرواية الآخرى عن مسروق، فقد أوردها ابن القيم في إعلام الموقعين (١/ ٩٥).

<<  <   >  >>