للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كاذبا موجب للفراق، وقد يكون صادقا في حلفه، وزعم أنه قال ذلك من قِبَل أن الفراق إنما يكون بالرجال (١)، وهو مع ذلك يقول: إن الرجل إذا مَلّكَ امرأته الطلاق فطلقت، كان هو المُطَلِق، فأقامها مقام الوكيل فيما جعله إليها، فإن ملكها فلم تُطَلِق، لم يلزمه طلاق، فهلا قال: إنه لما التعن جعل إليها أن تلتعن، فإن لم تلتعن بقيت على الزوجية، إلى أن يُحكم عليها فتحد، وإن التعنت فكأنها فارقت بما جعله إليها وفي يدها.

وقد قال مالك: إن الفرقة تقع بتمام اللعان بينهما، من أجل الغضب واللعنة قد حقت على أحدهما، واللعن للكفار، وهما وإن لم يكونا بذلك كافرين، ولا أحدهما وهو الكاذب ـ هو أو هي ـ فقد حقت اللعنة، فلا يجوز أن تكون مسلمة تحت ملعون، ولا ملعونة تحت مسلم، إذ وقع التشبيه باللعن، قال الله ـ تبارك وتعالى ـ: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} (٢) والظالمون هاهنا: الكافرون، قال ذلك ترجمان القرآن ابن عباس ـ رحمه الله (٣) ـ، ولو أن الشافعي اتبع لسلم، والله أعلم.

قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} (٤).

قال أيوب (٥) عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله ـ عز وجل ـ: {تَسْتَأْنِسُوا} إنما هو: تستأذنوا وتسلموا على أهلها، وقال: غلط الكاتب (٦).


(١) أي: عقدة النكاح وحله بيد الرجل.
(٢) سورة هود (١٨).
(٣) أورده في زاد المسير ص ٢٩٧.
(٤) سورة النور (٢٧).
(٥) هو: السختياني، تقدم.
(٦) أخرجه البيهقي في الشعب (٦/ ٤٣٨) عن أيوب، به.
وأخرجه الطبري في تفسيره (٩/ ٢٩٦) عن ابن جبير، به.

وأخرجه الحاكم [٢/ ٤٣٠ كتاب التفسير، سورة النور] والبيهقي في الشعب (٦/ ٤٣٧) من طريق مجاهد عن ابن عباس، وصححه، والمقدسي في المختارة (١٠/ ٩٠).
وقد أشار ابن حجر في الفتح (١١/ ١٠) إلى أن القاضي ـ صاحب الأصل ـ قد أخرجه، قال: " وأخرجه إسماعيل بن إسحاق في أحكام القرآن عن ابن عباس، واستشكله".

<<  <   >  >>