للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في موضع: {فِيهَا} وقال في موضع آخر: {وَعَلَيْهَا} وقال: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} (١) أي على جذوع النخل، وقال سبحانه: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} (٢) أي: بأمر الله، وقال: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} (٣) أي عليه، فمعنى {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} إلى الغشيان؛ لأنه إذا قصد لئن يغشى، فقد قصد إلى إبطال ما كان منه من التحريم، فقد عاد في ذلك القول الذي لفظ به من التحريم يريد الرجوع عنه.

وقال الشافعي: إذا ظاهر الرجل من امرأته، ثم لم يطلق طلاقا متصلا بالظهار، فقد وجبت عليه الكفارة (٤)، وهو قول فاسد؛ لأن المُظَاهِر على نية الظهار إلى أن ينقضي لفظه، فإن أراد الطلاق بعد الظهار، فأقرب ما يمكن فيه أن ينوي حين انقضاء لفظه بالظهار أن يطلق ثم يطلق، فلا يقع الطلاق إلا وبينه وبين الظهار فرجة قَلَّت أم كثرت؛ لأن الفعل في كل شيء إنما يكون بعد النية، وليس يعقل أن يكون التظاهر من إنسان إلا لمعنى، وهو أن يغضب فيظاهر ليمنعها الوطء، أو يمنع نفسه منه، فإذا أوصل النية بالظهار (٥) فلا فائدة له في الظهار إذ كان يريد الطلاق، وإن كان يريد الإقامة التي يلزمه تيسيرها الكفارة عقيب اللفظ بالظهار، فلا فائدة له في الظهار يشفي به نفسه من غضبه، وإنما شق على نفسه بأن ألزمها كفارة لغير معنى.

مع أن قوله: إن لم يطلق بعقب الظهار لزمته الكفارة خطأ، يدل عليه الكتاب واللغة ـ وأصحابه يدعون له علم اللغة ـ لأن الله عز وجل قال: {ثُمَّ يَعُودُونَ} وثم إنما تقع بعد الشيء على تراخ؛ لأنه لا اختلاف بين أهل اللغة أن الواو توجب الاجتماع


(١) سورة طه (٧١).
(٢) سورة الرعد (١١).
(٣) سورة الطور (٣٨).
(٤) ينظر: الأم (٥/ ٢٧٩) وسنن البيهقي (٧/ ٣٨٤).
(٥) أي إذا أوصل نية الطلاق بالظهار.

<<  <   >  >>