للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لفظ ولا فعل (١) ـ وهل في شيء من الحديث إلا ظهار مرة واحدة فأمروا بالكفارة ـ وإنما جاءوا للوقت، الله المستعان على ما قد ظهر في العلم.

وأما مالك فإنه يقول: كفارة واحدة (٢)، وهو قول أكثر الصحابة والتابعين (٣)، وهو الذي تكلم الناس فيه، فأما أن لا يجعل على المظاهر كفارة حتى يتكلم بذلك مرة أخرى فلا وجه له؛ لأن المُظَاهِر الذي جُعِلَ فيه القرآن، وحُكِمَ عليه بالكفارة فيه، كان مظاهرا قبل أن تنزل: {ثُمَّ يَعُودُونَ} ولم نجد أحدا أنه ظاهر مرتين، ولو كان ذلك لحكي، إذ كان لا يجب في الظهار حكم إلا بذلك، وإلا وصف في الحديث أنه ظاهر (٤).

ولو كان وجوب الكفارة بالعود للقول؛ لما كان لذكر المسيس وجه، وإنما ذكر التظاهر وهو ضد المسيس؛ لأن المظاهر حرم على نفسه المسيس، فكيف يقال: إذا حرمت على نفسك المسيس، ثم حرمت ثانية، فأعتق رقبة قبل أن تمس، هذا كلام ضعيف، ولو قال رجل لرجل: إذا لم ترد أن تمس فأعتق قبل أن تمس لنسب إلى


(١) هذه العبارة منه ـ رحمه الله ـ شديدة في مسألةٍ الخلافُ فيها معتبر، وإنا لنرجو أن لا يحرم المخطئ فيها من الأئمة أجر الاجتهاد إن فاته أجر الصواب، ولما أنكر ابن العربي في أحكام القرآن نسبة هذا القول إلى بكير ابن عبد الله، وجعله من جهالة داود الظاهري وأشياعه، علق على ذلك القرطبي ـ وهو مالكي أيضا ـ في الجامع لأحكام القرآن (١٧/ ٢٦٨): " قوله: " (يشبه أن يكون من جهالة داود وأشياعه) حملٌ منه عليه، وقد قال بقول داود من ذكرناه عنهم".
(٢) ينظر: الموطأ (٢/ ٤٤٠).
(٣) ينظر: التمهيد (٦/ ٥١) والمحلى (١٠/ ٥٧) والمغني (٧/ ٣٦٨).
(٤) قد استدل ابن حزم في المحلى (١٠/ ٥١) على أن مظاهرة أوس - رضي الله عنه - وقعت أكثر من مرة، بما رواه الحاكم [٢/ ٥٢٣ كتاب] من حديث عائشة أن امرأة أوس بن الصامت قالت: (وكان أوس امرءا به لمم، فإذا اشتد لممه، ظاهر من امرأته، فأنزل الله فيه كفارة) قال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.

<<  <   >  >>