للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ} الآية (١).

روت حفصة بنت سيرين (٢) عن أم عطية (٣) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -? أن العصيان في معروف: النَّوْح? (٤)، وروى شَهْر بن حَوْشَب، عن أم سلمة مثل ذلك (٥).

ومن العصيان في المعروف: خمش وجوه، وشق جيوب، ونشر شعور، وما أشبه ذلك من رنات الشيطان.

وروى ثابت (٦) عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ على النساء حين بايعهن ألا ينحن، فقلن: إلا نساء أسعدتنا في الجاهلية، أفنسعدهن في الإسلام؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ? لا إسْعَاد في الإسلام، ولا شِغَار في الإسلام، ولا جَلَبَ ولا جَنَب، ومن انتهب فليس منا? (٧)


(١) سورة الممتحنة (١٢).
(٢) هي: حفصة بنت سيرين الأنصارية، أم الهذيل البصرية، قال العجلي: بصرية تابعية، توفيت سنة ١٠١ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (٨/ ٤٧٢) وتهذيب التهذيب (٦/ ٥٣٦).
(٣) هي: نسيبة ـ بضم النون وفتحها ـ بنت كعب، ويقال: بنت الحارث الأنصارية، قال ابن عبد البر: كانت تغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تداوي المرضى، وتداوي الجرحى. ينظر: طبقات ابن سعد (٨/ ٤٥٩) والإصابة (٨/ ٤٣٧).
(٤) أخرجه البخاري [١٠٥١ كتاب التفسير، سورة الممتحنة، باب إذا جاءك المؤمنات يبايعنك] عن حفصة بنت سيرين، بمعناه.
وقال في عون المعبود (٨/ ٢٧٧) في معنى النوح: " النوح بكاء مع صوت، والمراد بها التي تنوح على الميت، أو على ما فاتها من متاع الدنيا ".
(٥) أخرجه الترمذي [٥/ ٢٠١ كتاب التفسير، ومن سورة الممتحنة] وقال: حديث حسن، والطبراني في الكبير (٢٤/ ١٨١) عن شهر بن حوشب، به.
(٦) هو: ثابت بن أسلم البُنَاني، أبو محمد البصري، أحد القصاص المشهورين، قال عنه ابن سعد: كان ثقة مأمونا، توفي سنة ١٢٧ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (٧/ ١٢٠) وتهذيب التهذيب (١/ ٣٨٤).
(٧) أخرجه ابن حبان [٧/ ٤١٥ كتاب الجنائز، ذكر الخبر المصرح بحظر هذا الفعل] وأحمد (٣/ ١٩٧) عن ثابت به.
وأخرجه النسائي في الكبرى [١/ ٦٠٨ كتاب الجنائز، باب النياحة على الميت] عن ثابت، مختصرا.
قوله: لا إسعاد؛ قال في غريب الحديث (٢/ ٣٣٠): " هو إسعاد النساء في المناحات، تقوم المرأة فتقوم معها أخرى من جاراتها فتساعدها على النياحة".
قوله: لا شغار؛ قال في غريب الحديث (٢/ ٤٣٢): " هو نكاح معروف في الجاهلية، كان يقول الرجل للرجل: شاغرني: أي زوجني أختك أو بنتك أو من تلي أمرها، حتى أزوجك أختي أو بنتي أو من ألي أمرها، ولا يكون بينهما مهر، ويكون بضع كل واحدة منهما في مقابلة بضع الأخرى، وقيل له: شَغار؛ لارتفاع المهر بينهما".
قوله: لا جلب؛ قال في غريب الحديث (١/ ٢٧٣): " الجلب يكون في الشيئين: أحدهما: في الزكاة, وهو أن يقدم المُصَدِّق على أهل الزكاة، فينزل موضعا، ثم يُرْسِلَ مَنْ يجلب إليه الأموال من أماكنها ليأخذ صدقتها, فنهي عن ذلك, وأُمِر أن تُؤخَذَ صدقاتهم على مِيَاهِهم وأماكنهم، الثاني: أن يكون في السِّباق: وهو أن يتبع الرجل فرسَه فَيزْجُره ويَجْلِب عليه ويصيح حثّا له على الجري , فَنهِىَ عن ذلك".
قوله: ولا جنب؛ قال في غريب الحديث (٢/ ٢٩٣): "الجنب بالتحريك في السباق: أن يَجْنُب فرسا إلى فرسه الذي يُسابق عليه، فإذا رآه فتر المركوب تحول إلى المُجْنُوب، وهو في الزكاة: أن ينزل العامل بأقصى مواضع أصحاب الصدقة، ثم يأمر بالأموال أن تجنب إليه، أي تحضر، فنهوا عن ذلك، وقيل: أن يجنب رب المال بماله؛ أي يُبْعده عن موضعه، حتى يحتاج العامل إلى الإبعاد في اتباعه وطلبه".

<<  <   >  >>