للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ديننا؟ ثم قال: أليس قال الله عز وجل: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} وقد وعدتنا بذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أقلت لك في هذا العام؟ ? (١) فوافق قول أبي بكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان أصحاب رسول الله كلهم قد نفروا من المقاضاة، ولحقهم ما لحق عمر خلا أبي بكر، فمعناه: إذا شاء الله، ولما شاء الله فتحها عليه فدخلها، ثم دخلها حاجا أو معتمرا.

ثم أظهره الله على الدين كله، فلم يبق أهل ديانة إلا أظهره الله عليهم؛ إما بغلبة قتال، وإما بخوف وبإجلاء عن أوطانهم، أو بإذعان بالجزية فهذا إظهار وغلبة بينة، وأما من سوى هؤلاء فأظهره الله عليهم بالحجة، وكفى به إظهارا ألا تسمع إلى قوله: {أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (٢) يعني الغالبين، وقوله: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} (٣) فأعلم أنه ينصر رسله في الحياة الدنيا، وقد علمنا أنهم يغلبون ويؤذون، وقد قال لنبينا - صلى الله عليه وسلم -: {وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} (٤) وقال: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} (٥) يعني من الأذى، فقد علمنا ما جرى على الأنبياء عليهم السلام، وهم منصورون بالحجة، وهل في يوم الأشهاد نصرة إلا بالحجة، فأنبياء الله وأولياؤه والمؤمنون منصورون بالحجة مغلوبين وعالين، وصاحب الحجة هو المنصور، فقد علمنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقاتل أهل الملل كلها،


(١) أخرجه البخاري [٥٤٩ كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة] من حديث المسور ومروان، وفيه جعل مراجعة عمر لأبي بكر بعد مراجعته النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم أقف في شيء من المصادر على نحو ما أورد المؤلف ـ رحمه الله ـ من تقديم مراجعة أبي بكر على مراجعة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(٢) سورة المجادلة (٢٢).
(٣) سورة غافر (٥١).
(٤) سورة الأحزاب (٤٨).
(٥) سورة فصلت (٤٣).

<<  <   >  >>