للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال زيد بن أسلم: النداء حين يخرج الإمام، يريد النداء الثاني (١).

وقال أبو الزناد: يفسخ البيع إذا وقع في ذلك الوقت (٢).

قال الله عز وجل: {وَذَرُوا الْبَيْعَ} فمعناه لا تبيعوا، فكيف يجوز بيع من نهاه الله أن يبيع، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ? ما نهيتكم عنه فانتهوا، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم? (٣) فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - نواهيه على الإيجاب وهي رواية، فنواهي القرآن أوكد.

وقد احتج قوم (٤) ممن يقول بجواز البيع (٥) في هذا الوقت، بقوله سبحانه: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} وأنه قيل: ذلكم خير لكم، دل على الترغيب، فغلط غلطا فاحشا؛ لأن الله عز وجل إذا نهى عن شيء ففيه الخير للعباد، وقد قال: {وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ} (٦) فهل يجوز أن يقال إن هذا غير واجب، وإذا أمروا بالذهاب إلى الجمعة وجب عليهم ألا يفعلوا شيئا يتشاغلون به عن إدراك الجمعة، ولما


(١) أورده في المدونة (١/ ١٥٤).
والأثر ـ أيضا ـ مخرج في القطعة المتبقية من كتاب القاضي إسماعيل صاحب الأصل.
(٢) أخرجه في المدونة (١/ ١٥٤).
والأثر ـ أيضا ـ مخرج في القطعة المتبقية من كتاب القاضي إسماعيل صاحب الأصل.
(٣) تقدم تخريجه عند قوله تعالى: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} من سورة الحشر. ص: ٦٥٨.
(٤) ذهب الشافعية، والأحناف، والحنابلة في المشهور عنهم؛ إلى النهي عن البيع بعد النداء يوم الجمعة، وخالفوا المالكية في عدم الحكم بفسخ البيع.
ينظر: الأم (١/ ١٩٥) والمجموع (٤/ ٤١٨) والمغني (٢/ ٢٩٨) وشرح فتح القدير (٢/ ٦٦).
(٥) يريد المؤلف ـ رحمه الله ـ بالجواز هنا نفاذ البيع وعدم فسخه، لا جواز أصل العقد؛ لأن أهل العلم لم يختلفوا في النهي عن البيع بعد النداء، وإنما اختلفوا في فساده بعد وقوعه، قال ابن كثير في تفسيره (٤/ ٥٧٣): " ولهذا اتفق العلماء رضي الله عنهم، على تحريم البيع بعد النداء الثاني، واختلفوا هل يصح إذا تعاطاه متعاط أم لا ... ".
(٦) سورة النساء (١٧١).

<<  <   >  >>