للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل في تحريم الصيد قيل: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} (١) كذا قيل هاهنا: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ} (٢) وقيل: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} (٣) فكان ذلك كله إذنا وإطلاقا بعد الحضر، فيما أمرهم به من اعتزال النساء في المحيض، وفي الصيد، وفي البيع بعد الفراغ من الصلاة.

وقد عارض قوم بأن قالوا: فإن أعتق في ذلك الوقت أو تزوج، هل تقولون إن ذلك باطل كما تقولون في البيع؟ فقلنا: من عادة الناس التشاغل بالبيع في كل الأزمنة والأوقات، وهو عمل مستدام، وليس النكاح والعتق مما يدوم فعل (٤) الناس له، كما يدوم في المبايعات، وإنما نهى الله عز وجل عن البيع لدوامه وانتظامه (٥)، وأن القوم خرج كثير منهم للنظر إلى العير، وتعجل البيع، فعوتبوا ونزل تحريم البيع من أجل فعلهم، قال جابر بن عبد الله: ? أقبلت عير بتجارة يوم جمعة ورسوله - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فانصرف الناس ينظرون، وبقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في اثني عشر رجلا، فنزلت هذه الآية? (٦).


(١) سورة المائدة (٢). وفي الأصل فإذا حللتم، وهو خطأ.
(٢) سورة الجمعة (١٠).
(٣) سورة البقرة (٢٢٢).
(٤) لوحة رقم [٢/ ٢٨٢].
(٥) فرق المؤلف ـ رحمه الله ـ بين عقد البيع وعقد النكاح في هذه المسألة، تبعا لمشهور المذهب، وهو قول ابن القاسم كما في العتبية، على أن ابن العربي في أحكام القرآن لم يرتض هذا التفريق، ولذا اختار طرد القول بفساد كل العقود بعد النداء، قال: " والصحيح فسخ الجميع؛ لأن البيع إنما مُنِع للاشتغال به، فكل أمر يشغل عن الجمعة من العقود كلها، فهو حرام شرعا مفسوخ ردعا" أحكام القرآن (٤/ ٢٥٠)، وينظر: النوادر والزيادات (١/ ٤٨٦).
(٦) أخرجه البخاري [١٠٥٣ كتاب التفسير، سورة الجمعة] ومسلم [٢/ ٤٩٤ كتاب الجمعة] بنحوه.

<<  <   >  >>