للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النكاح والطلاق جميعا إنما تُرَادُ الشهادات عليهما من أجل الأنساب وحياطتها، وليس يجوز عندهم شهادتهن في النسب، الذي من أجله أمر بالشهادات على النكاح والطلاق وإيجاب الحدود ودرئها.

فإن قالوا: قد تشهد عندهم القابلة في الولادة وهو النسب، وعند الشافعي أربع نسوة (١)، وعندنا امرأتان، وقد نحلونا ذلك، قلنا لهم: ليس الأمر على ما ظننتم، نحن إنما نُجِيْز شهادة المرأة على الاستهلال الذي يوجب الأموال لا هلال المُسْتَهِلِ، فأما الولادة فإن القول قول المرأة إذا علم الحمل، وفي الحيض إذا حاضت بما يشبه كونه؛ لقول الله عز وجل: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} (٢) فذلك مَوكُول إلى أمانتهن ومقبول فيه قولهن.

وقول العراقي: واحدة، خطأ (٣)؛ لأن الله تبارك وتعالى لم يرض واحدة، وذكر العلة فقال عز من قائل: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} (٤).

وأما قول الشافعي في الأربع (٥) فغلط؛ لأنه لا اختلاف أنهن لو كن أربعا وأربعمائة ـ على شهادة بدرهم ـ لَكُنّ بمعنى امرأتين يزاد معهن بيان آخر، فلما كُنّ فيما


(١) ينظر: الأم (٧/ ٤٨ ـ ١٣١) والمهذب (٢/ ٤٢٦).
(٢) سورة البقرة (٢٢٨).
(٣) ذهب الأحناف إلى أن ما لا يطلع عليه الرجل، تجوز فيه شهادة امرأة واحدة، قال في بدائع الصنائع (٦/ ٢٧٧): "وأما فيما لا يطلع عليه الرجال: كالولادة، والعيوب الباطنة في النساء، فالعدد فيه ليس بشرط عندنا، فتقبل فيه شهادة امرأة واحدة" وينظر: ـ أيضا ـ المبسوط (٦/ ٤٩).
(٤) سورة البقرة (٢٨٢).
(٥) ذهب الشافعي ـ رحمه الله ـ إلى أنه لا بد من أربع نسوة، يقمن مقام رجلين، فيما تجوز فيه شهادة النساء، والأصل في ذلك ـ عنده ـ أن الله تعالى جعل شهادة امرأتين، تقوم مقام شهادة رجل واحد، قال في الأم (٦/ ٢٤٩): " فإذا أجاز المسلمون شهادة النساء فيما يغيب عن الرجال، لم يجز ـ والله أعلم ـ أن يجيزوها إلا على أصل حكم الله ـ عز وجل ـ في الشهادات، فيجعلون كل امرأتين يقومان مقام رجل، وإذا فعلوا لم يجز إلا أربع، وهكذا المعنى في كتاب الله ـ عز ذكره ـ".

<<  <   >  >>