للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الموارثة وغيرها، إلا أنه ليس له أن يطأ حتى يرتجع، ولما قيل: لا تخرجوهن ولا يخرجن، علم أنه كان لها أن تخرج قبل الطلاق بإذنه، ولها أن تنتقل بأمره، فلما حدث الطلاق وجبت الإقامة، ولم يجز اصطلاحهما على النقلة، كما يجوز قبل الطلاق (١) ولم يكن لها إسقاط ذلك إذا حدث الطلاق، ويجوز لها إسقاط النفقة وإن كانت واجبة؛ لأن النفقة من حقوقها، والسكنى من حقوق الحمل، لا من أجل أنها على بقية الزوجية، ودلنا ما وصفنا على أنه ينبغي أن تجرى المبتوتة (٢) هذا المجرى إذا كانت أيضا معتدة؛ لأن ظاهر العدة والسكنى فيها من جهة تحصن الفرج واستقصاء حق ولد ـ إن كان ـ، وأن سكنى غير المعتدة من جهة المؤن التي تجب على الزوج أن يقوم لها بها، من النفقة والكسوة، وغير ذلك مما لا بد منه، ألا ترى أن المتوفى عنها تسكن في منزل زوجها، شاء الورثة ذلك أم أبوه، والميت قد انقطع ملكه وصار ماله لورثته، ولا تجب لها نفقة في مال الميت (٣).

فدلت هذه الأشياء التي وصفناها ـ والله أعلم ـ أن الذي ذُكر من إقامتها في بيتها، ووجوب ذلك عليها وعلى زوجها؛ لما حدث من العدة، ولم يحتج إلى ذكر النفقة؛ لأنها على الأصل الذي كانت عليه من قبل الطلاق، فإن شاءت أخذته وإن شاءت تركته، واحْتِيْجَ إلى ذكر السكنى في المبتوته في قوله ـ عز وجل ـ: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (٤) لأن المبتوتة قد حدث في أمرها ما أُخْرجت به من أحكام الزوجات كلها، فأعيد ذكر السكنى إذ كانت من طريق التحصين لها، ما دامت


(١) (لوحة رقم [٢/ ٢٩٤].
(٢) أي: المطلقة طلاقا بائنا.
(٣) قال مالك في المدونة (٤/ ١٨٩): " قلت: أرأيت المتوفى عنها زوجها، أيكون لها النفقة والسكنى في العدة، في قول مالك بن أنس في مال الميت أم لا؟ قال: قال مالك بن أنس: لا نفقة لها في مال الميت، ولها السكنى إن كانت الدار للميت ".
(٤) سورة الطلاق (٦).

<<  <   >  >>