للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في عدتها، وأجريت في ذلك مجرى التي قبلها، وأسقطت عنها النفقة التي كانت تجب لها ـ قبل أن يُبِيَنها ـ بعقد النكاح، ولم يجعل ذلك لها في عدتها، إلا أن تكون حاملا، فيجب عليه حينئذ أن يغذو ولده بغذاء أمه، كما كان يجب عليه إذا وضعته أن يغذو ولده بغذاء التي ترضعه؛ لأن غذَاءَه في بطن أمه بغذاء أمه، وغذاءه إذا وضعته أمه بالرضاع، فكما يجب على الأب أن ينفق على من ترضعه، وجب عليه أن ينفق على أمه ما دام في بطنها، ألا ترى أن الصائمة إذا كانت تطيق الصيام وهي حامل، ويضر صومها بولدها أنها تفطر؛ لأن غذاءه إنما يكون بغذائها، وقال ـ عز من قائل ـ: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (١) فعلم أن بعض ذلك من بعض.

وهذا الموضع قد اختلف الناس فيه؛ فقال قوم: للمبتوتة السكنى والنفقة (٢)، وقال آخرون: لا سكنى ولا نفقة (٣)، فأخذ كل فريق في طريق وتركوا التوسط الذي هو الحق، وفي كتاب الله ـ عز وجل ـ ما يدل على أنه ليس على ما قال الفريقان،


(١) سورة الطلاق (٦).
(٢) هو قول الأحناف، ينظر: المبسوط (٥/ ٢٠١) وأحكام القرآن للجصاص (٥/ ٣٥٥) وشرح فتح القدير (٤/ ٣٦٤).
(٣) روي ذلك عن علي وابن عباس وجابر بن عبد الله - رضي الله عنهم -، وبه قال الشعبي، وميمون بن مهران، وعكرمة، ورواية عن الحسن، وهو قول داود الظاهري، ومشهور قول الحنابلة. ينظر: الاستذكار (٦/ ١٦٧) والمحلى (١٠/ ١٨٨) والمغني (٧/ ٦٠٦) والإنصاف (٩/ ٣٦١).
وذهب المالكية والشافعية، والحنابلة في إحدى الروايتين، إلى أن لها السكنى، ولا نفقة لها إلا أن تكون حاملا. ينظر: المدونة (٥/ ٤٧١) والأم (٥/ ٢٣٧) والنوادر والزيادات (٥/ ٤٩) والمهذب (٢/ ٢١٠) وأحكام القرآن لابن العربي (٤/ ٢٨٦) والمغني (٧/ ٦٠٦).

<<  <   >  >>