الأول: أراد المؤلف بهذا التأويل أن ينزه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، عن مخالفة السنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والقاضية بنفي النفقة عن المطلقة البائن، وقد مر في أثناء كلام المؤلف ـ هنا ـ روايات كثيره من حديث فاطمة بنت قيس، تدل على ذلك، وإلى هذا الوجه أشار ابن عبد البر في التمهيد (١٩/ ١٤٢) بعد نقله كلام القاضي إسماعيل الذي هو أصل لما اختصره المؤلف هنا: " هذا كله كلام إسماعيل، وفيه ما فيه من دفع ظاهر قول عمر، إلى دعوى لا يُسيغ هو ولا غيره لأحد مثل ذلك في دفع نص، إلا أنه لما كان قول عمر خلاف نص السنة، كان دفعه بتأويل ضعيف خيرا من أن ينسبه إلى مخالفة السنة الثابتة " على أنه لا يسوغ أصلا أن يرد على الذهن أن عمر - رضي الله عنه - خالف السنة، وذلك أنها لم تثبت بعد عنده، بل غلب على ظنه أن المرأة قد أخطأت، ولم يكن في ذلك الظن وحده بل هو قول عائشة رضي الله عنها، ولذا سألها من يشهد لها على قولها، يشهد لهذا ما أخرج أبو عوانة (٣/ ١٨٣) والنسائي [٦/ ٥١٩ كتاب الطلاق، الرخصة في خروج المبتوتة من بيتها] والدارقطني [٤/ ٢٥ كتاب الطلاق] أن عمر بن الخطاب قال لفاطمة لما ذكرت ذلك له: (إن جئت بشاهدين يشهدان أنهما سمعاه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلا لم نترك كتاب الله). ... الثاني: أرد المؤلف ـ رحمه الله ـ الرد على الأحناف في إيجابهم النفقة والسكنى للبائن، استدلالا بقول عمر بن الخطاب. (٢) أي أنه يقبل من فاطمة ما روته من نفي النفقة فيما دل عليه حديث أبي سلمة ـ وفيه الاقتصار على نفي النفقة ـ وقد أخرجه مسلم كما تقدم في ص ٤٢٤.