للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: لا ندع كتاب ربنا ـ عز وجل ـ لقول امرأة، لها السكنى إلى هذا الموضع، والنفقة إلحاق في الحديث (١)، وقد يجوز: وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - أَلّا نفقة، وإلا فمن الراوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه جعل للمبتوتة نفقة وليست بحامل، حتى يكون عمر أشار إلى تلك السنة، فالسنة مقبولة من فاطمة: أَلّا نفقة، بحديث أبي سلمة (٢)، والسكنى، فهذا هو الذي أشار إليه عمر أن السكنى بالكتاب ولا نفقة بالسنة، ولما كانت المرأة تعتد للوفاة ولا نفقة لها كانت تعتد من الطلاق البائن ولا نفقة لها إلا أن تكون حاملا.


(١) تقدم له في ص ٤٢٧ ذكر هذا، وبيان وجه الإلحاق وأنه ـ على ما ذكر المؤلف ـ زيادة من الراوي، وقد وذكرت في ذلك الموضع نص كلام القاضي إسماعيل، نقلا عن التمهيد لابن عبد البر، والذي حمل المؤلف على هذا التأويل لما روي عن عمر بن الخطاب، أمران:
الأول: أراد المؤلف بهذا التأويل أن ينزه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، عن مخالفة السنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والقاضية بنفي النفقة عن المطلقة البائن، وقد مر في أثناء كلام المؤلف ـ هنا ـ روايات كثيره من حديث فاطمة بنت قيس، تدل على ذلك، وإلى هذا الوجه أشار ابن عبد البر في التمهيد (١٩/ ١٤٢) بعد نقله كلام القاضي إسماعيل الذي هو أصل لما اختصره المؤلف هنا: " هذا كله كلام إسماعيل، وفيه ما فيه من دفع ظاهر قول عمر، إلى دعوى لا يُسيغ هو ولا غيره لأحد مثل ذلك في دفع نص، إلا أنه لما كان قول عمر خلاف نص السنة، كان دفعه بتأويل ضعيف خيرا من أن ينسبه إلى مخالفة السنة الثابتة "
على أنه لا يسوغ أصلا أن يرد على الذهن أن عمر - رضي الله عنه - خالف السنة، وذلك أنها لم تثبت بعد عنده، بل غلب على ظنه أن المرأة قد أخطأت، ولم يكن في ذلك الظن وحده بل هو قول عائشة رضي الله عنها، ولذا سألها من يشهد لها على قولها، يشهد لهذا ما أخرج أبو عوانة (٣/ ١٨٣) والنسائي [٦/ ٥١٩ كتاب الطلاق، الرخصة في خروج المبتوتة من بيتها] والدارقطني [٤/ ٢٥ كتاب الطلاق] أن عمر بن الخطاب قال لفاطمة لما ذكرت ذلك له: (إن جئت بشاهدين يشهدان أنهما سمعاه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلا لم نترك كتاب الله). ...
الثاني: أرد المؤلف ـ رحمه الله ـ الرد على الأحناف في إيجابهم النفقة والسكنى للبائن، استدلالا بقول عمر بن الخطاب.
(٢) أي أنه يقبل من فاطمة ما روته من نفي النفقة فيما دل عليه حديث أبي سلمة ـ وفيه الاقتصار على نفي النفقة ـ وقد أخرجه مسلم كما تقدم في ص ٤٢٤.

<<  <   >  >>