للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا معناه على هذه القراءة عندي ـ والله أعلم ـ وهذه القراءة أبين وأصح مخرجا، وهي قراءة نافع وأهل المدينة، وكلا القراءتين تدل على أن اليأس ليس بيقين" (١).

رابعا: وكانت تلك الاختيارات مصحوبة بتعليلها ودليلها في الغالب، وربما اكتفى بمجرد الترجيح دون تعليل أو تدليل، كما في الخلاف الحاصل في معنى قوله تعالى: {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} قال: " الأربعة الحرم لا تقاتلوا فيهن، وهذا منسوخ بإباحة الحرب في كل الشهور، والصحيح؛ أن لا تواقعوا الخطايا في الشهور كلها، والله أعلم" (٢).

خامسا: مع كثرة تلك الاختيارات والترجيحات التي ذكرها المؤلف، فإنه لم يخرج فيها عن قول السلف وخلافهم، حيث كان يتخير من أقوالهم وخلافهم، لا يجاوزه، ولعل هذا ينسجم مع ما نسب إليه من تشدد في ذم الخروج عن قول السلف بعد القرن الثاني الهجري، على ما تقدم (٣).

سادسا: وقد تميزت هذه الاختيارات والترجيحات، بتنوع المرجحات التي اعتمد عليها المؤلف في اختياراته، فمع الأدلة المشهورة من الكتاب والسنة وآثار السلف وإجماعهم، وما عليه العمل والفتوى، على ما سبق الكلام عليه في المطالب السابقة، فهناك عدد آخر من المرجحات، التي جعلها المؤلف أساسا له في اختياره وترجيحه، منها:

* الترجيح بالسياق: مثال ذلك في سورة الكهف في تعيين المراد بقوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا. الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} حيث ذكر الخلاف في المراد بهم، ثم قال رحمه الله: " والأقوى: أن يكونوا أهل الكتاب،


(١) ينظر من هذه الرسالة: سورة الطلاق الآية رقم (٤).
(٢) ينظر من هذه الرسالة: سورة الآية رقم (٣٦).
(٣) ينظر من هذه الرسالة ص ٥٨.

<<  <   >  >>