للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أنه غلط من الكاتب، أنه: يستأذنوا، وأن الكاتب غلط فكتب: تستأنسوا، ورجع معنى تستأنسوا إلى معنى تستأذنوا، لأن الإذن إيناس، وكل رواية جاءت مخالفة لمصحفنا ردت على راويها، دون من حكي عنه ذلك من الصحابة؛ لأن من دونه أولى بالخطأ منه، والصحيح تستأنسوا، ومعناه تستأذنوا، وهو موافق لما قاله جماعة من المفسرين: أن يكون المدخول عليه لا يكره دخول المستأذن عليه، والله أعلم" (١).

والتزام رسم المصحف الإمام، وعدم قبول مخالفته حمل المؤلف ـ رحمه الله ـ على سلوك التأويل في بعض الأحرف المروية عن الصحابة، التي تخالف رسم المصحف، حيث حمله ذلك على ردها وعدم اعتبارها قراءة قرآنية، واختلفت طريقته في تأويلها، فمرة قال: هي من باب التفسير والبيان، ومرة قال: هو من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد وقع له ذلك في ثلاثة مواضع، أنقل كلامه فيها بنصه:

١. الموضع الأول في سورة الحج عند قوله تعالى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} (٢) قال: " وقد قرئت {صواف} وقرئت {صوافن} فمن قرأها {صوافن} فمعناها: معقولة قائمة على ثلاث، ومن قرأها {صواف} قياما على أربعتها ... إلا أن القراءة على لفظ مصحفنا أعم وأصوب، إذ المعروف في اللغة أن الصوافن والصافنات نعت للخيل، فإن أُدْخِلت الإبل في ذلك فعلى التشبيه، ولا ضرورة بالناس إليه، إذ لم يكن الخط في المصحف على صوافن، وليس يجوز أن يخالف لفظ المصحف المجتمع عليه برواية، والله أعلم.


(١) ينظر من هذه الرسالة: سورة النور الآية رقم (٢٧).
(٢) سورة الحج (٣٦).

<<  <   >  >>