للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{فطلقوهن لقُبُل عدتهن} ابن عمر، رواه مالك وجماعة عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، ورواه ابن أيمن وابن جبير عنه، وقرأ ابن مسعود: {لقبل طهرهن بغير جماع}، وقرأ ابن عباس: {لقُبُل عدتهن}، وقال أبو موسى الأشعري قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ? طلقوا المرأة في قُبُلِ عدتها? والحسن ومحمد بن سيرين قالا: طلاق السنة أن يطلقها في قُبُل عدتها، وهؤلاء كلهم وجماعة من المفسرين، ممن قرأ كما قرؤوا، فإنما أرادوها حكما لا تلاوة؛ لأن التلاوة على ما بين الدفتين لا يجوز غير ذلك، والمعنى ما قالوه " (١).

وهذا القول ذهب إليه طوائف من أهل العلم، والأصل الذي حملهم على هذا يعود إلى الخلاف في اشتمال رسم المصحف على جميع الأحرف التي نزل بها القرآن الكريم، فمن قال باشتماله عليها، أنكر أن تكون هناك قراءة تخالف رسمه، على أن جمهور السلف ذهبوا إلى أن رسم المصحف لم يشتمل على الأحرف السبعة جميعها، وهذه من المسائل التي كثر فيها الخلاف، وتنوعت فيها الآراء (٢).

وجزم المؤلف ـ رحمه الله ـ بأن هذه القراءات من قبيل التفسير وبيان المعنى وليست قرآنا، يفتقر إلى برهانه، لأن مجرد مخالفتها رسم المصحف الإمام، لا يجعلنا نقطع بنفي أن تكون من جملة ما نسخ من القرآن، قال ابن تيمية بعد أن ذكر مسألة القراءة بما يخالف رسم المصحف: " وهذا القول ينبني على أصل؛ وهو أن ما لم يثبت كونه من الحروف السبعة، فهل يجب القطع بكونه ليس منها؟ فالذي عليه جمهور العلماء أنه لا يجب القطع بذلك، إذ ليس ذلك مما أوجب علينا أن يكون العلم به في النفي والإثبات قطعيا" (٣).


(١) ينظر من هذه الرسالة: سورة الطلاق الآية رقم (١).
(٢) ينظر: فتح الباري (٨/ ٦٣٩) والبرهان (١/ ٣٠٥) والإتقان (١/ ١٤٤) وشرح حديث الأحرف السبعة للدكتور عبد العزيز قارئ، والمنهاج في الحكم على القراءات للدكتور إبراهيم الدوسري ص ٣٦.
(٣) الفتاوى الكبرى (٤/ ٤٢٠).

<<  <   >  >>