للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقطعن بُعْدَ النازح العميق " (١).

وفي هذه الآية ـ أيضا ـ قال ابن العربي: " يعني بعيد، وبناء عمق للبعد، قال الشاعر يصف قفرا:

وقَاتِم الأعْمَاقِ خَاوي المُخْتَرَقْ.

يريد بالأعماق الأبعاد، ترى عليها قتاما يخترق منها جوا خاويا، وتمشي فيه كأنك وإن كنت مصعدا هاو، ولذلك يقال: بئر عميقة أي بعيدة القعر".

الفقرة الخامسة: العناية بعلوم القرآن.

تناول القشيري وابن العربي، عددا من المسائل المتعلقة بعلوم القرآن الكريم، وقد تميز ابن العربي بتناوله مجالات متعددة في علوم القرآن الكريم، لم يتطرق إليها القشيري في كتابه، أو لم يتناولها بشكل واضح.

وأبرز ما اشتركا فيه من موضوعات علوم القرآن: أسباب النزول، والقراءات القرآنية، والناسخ والمنسوخ، وسأضرب مثالا على كل نوع منهما:

ففي أسباب النزول: تبدو العناية كبيرة عندهما جميعا، فأسباب النزول طريق قوي لتفسير كلام الله تعالى، ولذا فقد كانا في الغالب يبدآن بذكر سبب النزول، وربما ذكرا الروايات المتعددة في سبب نزول الآيات، وقد يرجحان أحد تلك الأسباب وقد لا يفعلان، ومن الأمثلة على ذلك ما أورده في سبب نزول قوله تعالى: : {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} (٢)، فقد ذكرا روايات تدل على أنها نزلت


(١) ينظر من هذا الرسالة: ص ٣٧٠.
(٢) سورة النور (٦).

<<  <   >  >>