للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦. واشترك المؤلفان في أكثر الأدلة والحجج التي يسوقانها في مقام الاستدلال على المسائل العلمية، أو يوردانها على المخالف، ذلك أنهما ينتميان لمذهب فقهي واحد، وهذا يورث اشتراكا ـ ولا بد ـ في الأصول التي يُحتج بها، كالاستدلال بالكتاب والسنة والإجماع، والقياس، وفتوى الصحابة، وما عليه العمل، والقياس، ولغة العرب، وشرع من قبلنا (١).

وقد تقدم في المبحث السابق الإشارة إلى بعض هذه الأدلة، وسأضرب هنا مثالا واحد على نوعين من تلك الأدلة، وهما: ما عليه العمل، وشرع من قبلنا، وقد اخترتهما لاختلاف المذاهب في الاحتجاج بهما، وهما من أصول المالكية:

أولا: ما عليه العمل، وهو أصل مشهور عند المالكية وكثر الاحتجاج به عند الإمامين، ومن أمثلة ذلك ما أورده القشيري عند قوله تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} (٢) قال: " واختلف قوم في اللقيط؛ فقال قوم: هو مملوك. وقال آخرون: هو حر، وهو المعمول عليه، والذي عليه أهل العلم" (٣).

ومثال ذلك عند ابن العربي قوله: " المسألة الثانية حسنة، وهي أن شهادة العدو على عدوه لا تجوز؛ لقوله تعالى: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} (٤) وبذلك قال أهل المدينة وأهل الحجاز " (٥).

ثانيا: شرع من قبلنا، وقد احتجا به أيضا فهذا القشيري يحتج بقصة قميص يوسف - عليه السلام - فيقول: " وقصة يوسف - عليه السلام - توجب القضاء فيما لا تحضره البينة بالدلائل


(١) ينظر: ابن العربي وتفسيره أحكام القرآن ص ٢٦٦.
(٢) سورة يوسف (٢٠).
(٣) ينظر من هذه الرسالة: ص ٢٩٥.
(٤) سورة آل عمران (١١٨).
(٥) أحكام القرآن (١/ ٣٨٧).

<<  <   >  >>