للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعلامات في مثل: اللقطة، ومثل: إغلاق الباب، وإرخاء الستر، وفي شهادة الصبيان في الجراح، وذلك دليل للشهادة، ... فإن قال قائل: إن تلك الشريعة لا تلزمنا، قلنا له: كل ما أنزله الله علينا فإنما أنزله لفائدة فيه ومنفعة لنا فقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} (١) فآيات يوسف - عليه السلام - مقتدى بها معمول عليها، والله أعلم" (٢)، وقد قال ابن العربي عند هذه المسألة بعينها: " قال علماؤنا: في هذا دليل على العمل بالعرف والعادة، لما ذكر من أخذ القميص مقبلا ومدبرا، وما دل عليه الإقبال من دعواها، والإدبار من صدق يوسف، وهذا أمر تفرد به المالكية، كما بيناه في كتبنا فإن قيل: هذا شرع من قبلنا، قلنا: عنه جوابان، أحدهما: أن شرع من قبلنا شرع لنا وقد بيناه في غير موضع .. " (٣).

٧. وأختم الكلام عن هذا المبحث بالإشارة إلى موقفهما من المخالف في مسائل الأحكام، ذلك أن اتباع مذهب بعينه يورث نوعا من التعصب له، والميل لآرائه وأقواله، غير أن مستويات هذا التعصب تختلف بدرجات متفاوتة، فترى من أتباع المذاهب من لا يمنعه اتباعه لمذهبه من قبول الحق أنى وجده، وإن كان خلاف مذهبه، ولا يحمله هذا التمذهب على البغي على المخالف، والاستطالة على أتباع المذاهب الأخرى، بل ترى في قوله أدبا، وفي خلافه نَصَفَةً وعدلا، ومن أتباع المذاهب من يتعصب للمذهب، على نحو يخرج به عن حد القصد والاعتدال، إلى كثير من البغي والعدوان، وتكلف ما ليس له به علم، نصرة للمذهب، وطعنا على المخالف، وبين هذين الفريقين درجات متفاوتة، وأهل


(١) سورة الأنعام (٩٠).
(٢) ينظر من هذه الرسالة: ص ٢٩٤.
(٣) أحكام القرآن (٣/ ٥٠).

<<  <   >  >>