للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسنة في الإبل: النحر، لا يجوز سواه، وفي الغنم: الذبح، لا يجوز سواه؛ لأن العدول عن هذا لا يكون إلا لقصد التعذيب؛ لأن البعير إذا ذبح * طُوِّل عليه الميته، والشاة مع القدرة عليها يسير الموتة، إذا عدل عن الذبح إلى النحر فذلك قصد اللعب ومخالفة السنة، ومن قصد لمخالفة السنة والتلاعب لم تؤكل ذبيحته، (١)


(١) لا خلاف بين العلماء أن المستحب نحر الإبل وذبح ما سواها، قال البغوي: والاختيار في الإبل النحر، وهو: أن يقطع اللبة، وفي البقر والغنم الذبح وهو: قطع أعلى العنق؛ لأن عنق البعير طويل، فإذا قطع أسفله يكون أعجل لزهوق الروح. [شرح السنة: ١١/ ٢٢٠].
وقال القرطبي: لا خلاف بين العلماء أن الذبح أولى في الغنم، والنحر أولى في الإبل، والتخير في البقر، وقيل: الذبح أولى؛ لأنه الذي ذكره الله، ولقرب المنحر من المذبح.
[الجامع لأحكام القرآن: ١/ ٤٤٥].
وإنما وقع الخلاف في ذبح ما ينحر أو نحر ما يذبح، فجوزه جمهور أهل العلم.
[انظر: بدائع الصنائع: ٥/ ٤١، المغني: ١٣/ ٣٠٦، والمجموع للنووي: ٩/ ١٠٢].
وذهب مالك إلى وجوب نحر الإبل، وذبح الغنم، والتخيير في البقر، وأنه لا ينحر ما يذبح ولا يذبح ما ينحر.
قال ابن أبي زيد القيرواني في رسالته: والبقر تذبح فإن نحرت أكلت , والإبل تنحر فإن ذبحت لم تؤكل، وقد اختلف في أكلها، والغنم تذبح فإن نحرت لم تؤكل، وقد اختلف أيضا في ذلك.
[الرسالة: ٥٩، وانظر المدونة: ١/ ٥٤٣].
وحكى ابن المنذر - فيما نقله عنه القرطبي وغيره - أن مذهب مالك الكراهة لا التحريم، قال ابن المنذر: لا أعلم أحدا حرم أكل ما نحر مما يذبح أو ذبح مما ينحر، وكره مالك ذلك، وقد يكره المرء الشيء ولا يحرمه.
[الجامع لأحكام القرآن: ١/ ٤٤٥].
وذكر القاضي عياض عن مالك رواية بالكراهة، ورواية بالتحريم، حيث قال: وكذلك يتعلق بقوله: (ما أنهر الدم) من يتخير نحر ما يذبح وذبح ما ينحر، وأن الذبح والنحر ذكاة للجميع لإنهاره الدم، وهو قال عامة السلف والعلماء وفقهاء الأمصار، وأشهب من أصحابنا. ومالك يمنع أكله مرة بالكراهة، ومرة جملة، وله قول في أكل ذبح ما ينحر دون نحر ما يذبح. [إكمال المعلم بفوائد مسلم: ٦/ ٤١٨].

<<  <   >  >>