للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن مالك بن أنس (١) في الساحر إذا سحر: قُتل، وذلك السحر الذي ذكره الله في كتابه فقال: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} (٢) (٣).

وهذا الذي يقتل عندنا هو الذي يسحر بنفسه، لا من يعطي الأجرة من يسحرله؛ لأنه إذا سحر بنفسه فقد كفر، ألا ترى إلى قوله: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (٤) والمسلم إذا كفر كفراً هو مستسر به قُتل ولم يستتب، وإذا كفر كفراً أظهره استتيب، فإن تاب وإلا قتل، والساحر مستسر بكفره كالزنديق، والزنديق عندنا من أظهر الإسلام وأبطن الكفر أَيَّ كُفْرٍ كان من: عبادة وثن، أو قول بالدهر (٥)،


(١) مالك الإمام، شيخ الإسلام، إمام دار الهجرة، أبو عبدالله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث الأصبحي المدني، ولد سنة ٩٣ هـ وتوفي سنة ١٧٩ هـ.
[الديباج: ١/ ٨٢، وسير أعلام النبلاء: ٨/ ٤٨]
(٢) [سورة البقرة: الآية ١٠٢]
(٣) قال مالك: الساحر الذي يعمل السحر ولم يعمل ذلك له غيره هو مثل الذي قال الله تبارك وتعالى في كتابه {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} فأرى أن يقتل ذلك إذا عمل ذلك هو نفسه.
[الموطأ: ٢/ ٦٦٣، كتاب العقول].
ولم أجده من رواية أبي مصعب.
(٤) [سورة البقرة: الآية ١٠٢]
(٥) الدهرية: فرقة ادعت قدم الدهر، وأسندت الحوادث إليه، وأنكرت الخالق والبعث والإعادة، وقالوا بالطبع المحيي، والدهر المفني، وهم الذين أخبر الله عنهم بقوله: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [سورة الجاثية: ٢٤].

[الفصل لابن حزم: ١/ ٤٧، والملل والنحل للشهرستاني: ٣/ ٦٥١].

<<  <   >  >>