وقد رجح هذا القول ابن جرير في تفسيره: ٢/ ٤٨. وهذا الحديث قد اختلف فيه على هشام بن عروة عن أبيه، فقد رواه أبو أسامة عنه في صحيح مسلم: ٢/ ٩٢٨، حديث: ٢٦٠، بما يوافق رواية الزهري من أن الآية أنزلت في الفريقين. ورواه أبو معاوية عن هشام عن أبيه، في صحيح مسلم: ٢/ ٩٢٨، حديث: ٢٥٩، بما يخالف رواية الزهري، من أن الآية نزلت فيمن كان يطوف بهما في الجاهلية، ثم تحرج عن الطواف بهما في الإسلام. قال ابن حجر: فهذه الرواية توجيهها ظاهر، بخلاف رواية أبي أسامة فإنها تقتضي: أن التحرج عن الطواف بين الصفا والمروة لكونهم كانوا لا يفعلونه في الجاهلية، ولا يلزم من تركهم فعل شيء في الجاهلية أن يتحرجوا من فعله في الإسلام. [فتح الباري: ٣/ ٥٨٤] ثم ذكر ابن حجر ما يؤيد رواية أبي معاوية، مما أثر عن الشعبي، ومجاهد، وأنس، وغيرهم. قال ابن حجر: فهذا كله يوضح قوة رواية أبي معاوية وتقدمها على رواية غيره، ويحتمل: أن يكون الأنصار في الجاهلية كانوا فريقين، منهم من كان يطوف بينهما على ما اقتضته رواية أبي معاوية، ومنهم من كان لا يقربهما على ما اقتضته رواية الزهري، واشترك الفريقان في الإسلام على التوقف عن الطواف بينهما، لكونه كان عندهم جميعاً من أفعال الجاهلية، فيجمع بين الروايتين بهذا. [فتح الباري: ٣/ ٥٨٥].