للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(١) مثل ذلك.

قال القاضي بكر - رحمه الله -: وأرجو أن تكون الرخصة للجميع؛ لأن الذي خرج في معصية الله قد مضى فعله فَقَتْلُه نفسه معصية ثانية، لا نأمره بها وهو في سعة من أن يحيي نفسه (٢).


(١) رواه عبد الرزاق في تفسيره: ١/ ٦٥، وابن جرير في تفسيره: ٢/ ٨٧.
(٢) قال أبو الوليد الباجي: فأما السفر المباح فهو الذي يجوز له أن يترخص فيه بأكل الميتة، وأما السفر المحرم فالمشهور من مذهب مالك أنه لا يجوز له ذلك، ففرق بينه وبين القصر والفطر في سفر المعصية.
[المنتقى: ٣/ ١٤٠].
وقال القاضي عياض: واختلفوا في سفر الباغي والعاصي، فقال: لارخصة، وإنما رخص لمن خرج في سفر طاعة وغير معصية، وهو قول مجاهد وابن جبير وغيرهما، وتأولوا قوله تعالى: {غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ}، وهو قول الشافعي، ورواية أخرى عندنا، وقول ابن حبيب. وقال آخرون بجواز ذلك له، وهومشهور قول مالك وأصحابه، وأبي حنيفة، وظاهر قول ابن عباس. [إكمال المعلم: ٦/ ٣٧٥].
قال القرطبي: واختلفت الروايات عن مالك في ذلك، فالمشهور من مذهبه فيما ذكره الباجي في المنتقى: أنه يجوز له الأكل في سفر المعصية، ولا يجوز له القصر والفطر. وقال ابن خويز منداد فأما الأكل عند الاضطرار فالطائع والعاصي فيه سواء. [الجامع لأحكام القرآن: ٢/ ٢٣٣].
كذا في القرطبي، والصحيح ما ذكره الباجي من أن المشهور من مذهب مالك: أنه لايجوز له الأكل في سفر المعصية، ويجوز له القصر والفطر. [المنتقى: ٣/ ١٤٠].
وقد رجح المؤلف ما رجحه شيخه القاضي إسماعيل، قال القاضي عياض: وإليه نحا إسماعيل القاضي، قال: لأن قتل نفسه إذا لم يأكل معصية ثانية. [إكمال المعلم: ٦/ ٣٧٥].

وممن رحج هذا القول أيضاً ابن جرير في تفسيره: ٢/ ٨٨، والقرطبي في تفسيره: ٢/ ٢٣٢، وشيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: أما الآية فأكثر المفسرين قالوا: المراد بالباغي الذي يبغي المحرم من الطعام مع قدرته على الحلال، والعادي الذي يتعدى القدر الذي يحتاج إليه، وهذا التفسير هو الصواب دون الأول؛ لأن الله أنزل هذا في السور المكية: الأنعام، والنحل، وفي المدنية: ليبين ما يحل وما يحرم من الأكل، والضرورة لا تختص بسفر، ولو كانت في سفر فليس السفر المحرم مختصاً بقطع الطريق والخروج على الإمام وأيضاً فقوله: {غَيْرَ بَاغٍ} حال من: {اضْطُرَّ} فيجب أن يكون حال اضطراره وأكله الذي يأكل فيه غير باغ ولا عاد، فإنه قال: {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} ومعلوم أن الإثم إنما ينفى عن الأكل الذي هو الفعل، لا عن نفس الحاجة إليه، فمعنى الآية: فمن اضطر فأكل غير باغ ولا عاد، وهذا يبين أن المقصود أنه لا يبغي في أكله ولا يتعدى.
[مجموع الفتاوى: ٢٤/ ١١١، ١١٢].
وقال في موضع آخر: وإن كان سببه معصية، كالمسافر سفر معصية اضطر فيه إلى الميتة، والمنفق ماله في المعاصي حتى لزمته الديون، فإنه يؤمر بالتوبة، ويباح له ما يزيل ضرورته، فتباح له الميتة، ويقضى عنه دينه من الزكاة، وإن لم يتب فهو الظالم لنفسه المحتال. [مجموع الفتاوى: ٢٩/ ٦٤، ٦٥].

<<  <   >  >>