للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن المناسب ونحن نتحدث عن الحالة العلمية في ذلك العصر أن نتحدث عن بيئة خاصة نشأ فيها المؤلف، وتأثر بمنهجها، وكان أحد روادها، تلكم هي المدرسة المالكية البغدادية، وسيكون الحديث عنها موجزاً من حيث روادها، ومنهجها. (١)

لقد كانت هناك عدة عوامل ساعدت على تكوين وظهور مدارس فقهية داخل المذهب المالكي، ومنها: الأول: منهج الإمام مالك الاستنباطي وأصوله التي بنى عليها مذهبه، حيث استدل بنوعين من السنة: السنة المرفوعة، والسنة الأثرية من أقوال الصحابة وفتاويهم، وعمل أهل المدينة وعرفهم. العامل الثاني: التخصص المزدوج لإمام المذهب، حيث جمع بين الفقه والحديث، وهذان التخصصان وإن كانا مرتبطين إلا أن تأثير كل واحد منهما منفرداً ظهر بشكل واضح على بعض تلاميذه دون الآخر. العامل الثالث: البيئة العلمية، فقد ساعدت البيئة العلمية الفقهية في العراق على نشوء منهج مختلف عن منهج من يرى تقديم الأحاديث الصحيحة على العمل، ومنهج من يرى الاعتماد على الأحاديث التي أيدها العمل، ذلكم المنهج المختلف نشأ متأثراً بمنهج أهل الرأي، الذي كان سائداً في العراق، وهو منهج الاحتجاج، والرد على المخالف. العامل الرابع: مراجعة الإمام مالك لآرائه الفقهية وتنقيحه لها بصورة مستمرة، جعلت روايات أصحابه وسماعاتهم عنه تختلف، ومن ثم اختلف تكوينهم الفقهي.


(١) انظر في هذا الموضوع: المدرسة البغدادية للمذهب المالكي نشأتها أعلامها منهجها أثرها د. محمد العلمي، وأسباب تعدد المدارس في المذهب المالكي وأهم مميزات المدرسة البغدادية د. الحبيب بن طاهر، المدرسة المالكية العراقية وصلاتها بالمدارس الأخرى د. عبد المنعم التمسماني.

<<  <   >  >>