للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال مالك بن أنس - رضي الله عنه -: لا ينبغي أن يكتب الكتب بين الناس في مدايناتهم، ... ومبايعاتهم، وشروطهم إلا عارفاً بها، عدلاً في نفسه، مأموناً على ما يكتبه لقوله عز وجل: {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} (١)، وروى عبد الملك (٢) عن مالك (٣)، وقال المفسرون: ليس بواجب على الناس إذا دُعي الكاتب ليكتب فليس بواجب أن يفعل؛ إذ الكُتاب كثير، فإن كتب فلا يكتب إلا بالعدل، وكذا إذا دُعي الشهود للشهادة فليس يلزمهم، فإن شهدوا فلا يأب الشهداء إذا ما دعوا، فإذا أوقع شهادته لزمه إقامتها إذا دعي لإقامتها، فهذا موضع الفرض عليه.

وأما قوله: {وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ} (٤). وهذا على قسمين إن كان لا يوجد غيره، وإذا كان يوجد غيره، ومعناه: أن يكتب فلا يأب أن يكتب بالعدل (٥)،


(١) [سورة البقرة: الآية ٢٨٢]
(٢) عبد الملك بن عبد العزيز بن أبي سلمة بن الماجشون التيمي مولاهم المدني المالكي، تلميذ الإمام مالك، ... أبو مروان، تفقه به خلق كثير كأحمد بن المعذل، وابن حبيب، وسحنون، وغيرهم، مات سنة ٢١٢ هـ، وقيل غير ذلك. ... [الديباج: ٢/ ٦، سير أعلام النبلاء: ١٠/ ٣٥٩].
(٣) لم أقف على هذه الرواية، لكن ذكر هذا القول عن مالك ابن عطية في تفسيره: ٢/ ٣٦٠، والقرطبي في تفسيره: ٣/ ٣٨٤.
(٤) [سورة البقرة: الآية ٢٨٢]
(٥) انظر الخلاف في مسألة كتابة الديون هل هي على الوجوب أو الندب. تفسير الطبري: ٣/ ١١٧، الناسخ والمنسوخ للنحاس: ٢/ ١٠٩، أحكام القرآن للجصاص: ١/ ٦٥٨، تفسير القرطبي: ٣/ ٣٨٣.

وانظر في مسألة إلزام الكاتب بالكتابة: تفسير الطبري: ٣/ ١١٩، أحكام القرآن للجصاص: ١/ ٦٦١، تفسير القرطبي: ٣/ ٣٨٤.

<<  <   >  >>