للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكيف يجوز أن يخص النساء بالسفه، والله تعالى يقول: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} (١)؟ ، وقد فرض الله تعالى فرائض المواريث، وجعل للذكر نصيبه صغيراً كان أو كبيراً، سفيهاً كان أو رشيداً، وجعل للأنثى مثل ذلك وإن نقص سهمها عن سهمه، فإذا وقع الميراث وجب الملك لصاحبه، فإن كان رشيداً تولى ماله، وإن كان صغيراً أو سفيهاً ذكراً كان أو أنثى حفظ عليه ماله، وكذلك الهبة تصح، وإن كان الموهوب له رشيداً تولى القبض لنفسه، وإن كان صغيراً أو سفيهاً حفظ عليه ماله ذكراً كان أو أنثى. وإنما المعنى في قوله عز وجل: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} (٢) أي: لا تدفعوا إليهم أموالهم، وإنما أضيف ذلك إلى الدافعين فقيل: ... {أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} (٣) يعني: ولاية، كقوله: {فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} (٤)، وكقوله: {فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} (٥)، وقال: {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ} (٦) (٧)،


(١) [سورة النساء: الآية ١٢٤]
(٢) [سورة النساء: الآية ٥]
(٣) [سورة النساء: الآية ٥]
(٤) [سورة النور: الآية ٦١]
(٥) [سورة البقرة: الآية ٥٤]
(٦) [سورة النساء: الآية ٥]
(٧) ما ذكره المؤلف هنا من معنى وجه إضافة الأموال إلى الدافعين يحمل على ما إذا كان الخطاب موجه إلى أولياء اليتامى، أما إذا كان الخطاب متوجه إلى الأباء فإن الإضافة هنا حقيقة.

قال ابن العربي: اختلف في هذه الإضافة على قولين: أحدهما: أنها حقيقة، والمراد نهي الرجل أو المكلف أن يؤتي ماله سفهاء أولاده فيضيعونه ويرجعون عيالاً عليه. والثاني: أن المراد به نهي الأولياء عن إيتاء السفهاء من أموالهم، وإضافتها إلى الأولياء؛ لأن الأموال مشتركة بين الخلق تنتقل من يد إلى يد وتخرج عن ملك إلى ملك. والصحيح أن المراد به الجميع. ... [أحكام القرآن: ١/ ٤١٦].

<<  <   >  >>