للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانت الارادة، وبإرادته كان التقدير، وبتقديره كان القضاء، وبقضائه كان الامضاء.

والعلم متقدم على المشيئة، والمشيئة ثانية، والارادة ثالثة، والتقدير واقع على القضاء بالامضاء.

فلله تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء، وفيما أراد من تقدير الاشياء، فإذا وقع القضاء بالامضاء، فلا بداء.

فالعلم بالمعلوم قبل كونه، والمشيئة في المشاء (١) قبل عينه، والارادة في المراد قبل قيامه.

والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عيانا ووقتا، والقضاء بالامضاء من المبرم من المفعولات، الحديث.

وبه ينحل قول مولانا أمير المؤمنين لما فر من حائط أشرف على الانهدام: " أفر من قضاء الله إلى قدره ".

إلا أن نسبة هذه المعاني إليه سبحانه على وجه المجاز لا الحقيقة، إذ المقصود من هذا الكلام: التقريب إلى الافهام.

إذا عرفت هذا فاعلم أن إرادته سبحانه على ضربين كمشيئته: أحدهما: حتم: وهي الارادة المتعلقة بالتكوين كالخلق، والرزق والاحياء، والاماتة، وتسخير الافلاك، وبالجملة فكل ما هو ليس من أفعال العباد الاختيارية فهذه لا تختلف عن إرادته، وإليه أشار سبحانه بقوله: " ولو شاء ربك لآمن من في الارض كلهم جميعا " (٢) .

الثاني (٣) : إرادة عزم: وهي (٤) المتعلقة بأفعال العباد وأعمالهم الاختيارية من الامور التكليفية، وهذه قد تختلف إذ ليس معنى إرادته فيها إلا أمره بها، ومحبته لها، وهذا لا يلزم منه الوقوع، وإلا لزم الجبر،


(١) في الاصلين: المنشأ.
وهو تصحيف.
(٢) يونس ١٠: ٩٩.
(٣) في ط: وتانيهما.
(٤) في ط: إرادة المتعلقة.
(*)

<<  <   >  >>