١٦١ - الفرق بين الاستدلال والنظر: أن الاستدلال طلب معرفة الشئ من جهة غيره، والنظر طلب معرفته من جهته ومن جهة غيره، ولهذا كان النظر في معرفة القادر قادرا من جهة فعله استدلالا، والنظر في حدوث الحركة ليس باستدلال، وحد النظر طلب إدراك الشئ من جهة البصر أو الفكر ويحتاج في إدراك المعنى إلى الامرين جميعا كالتأمل للخط الدقيق بالبصر أولا ثم بالكفر لان إدراك الخط الدقيق التي بها يقرأ طريق إلى إدراك المعنى وكذلك طريق الدلالة المؤدية إلى العلم بالمعنى، وأصل النظر المقابلة، فالنظر بالبصر الاقبال به نحو المبصر، والنظر بالقلب الاقبال بالفكر نحو المفكر فيه، ويكون النظر باللمس ليدري اللين من الخشونة، والنظر إلى الانسان بالرحمة هو الاقبال عليه بالرحمة، والنظر نحو ما يتوقع والانظار إلى مدة هو الاقبال بالنظر نحو المتوقع، والنظر بالامل هو الاقبال به نحو المأمول، والنظر من الملك لرعيته هو إقباله نحوهم بحسن السياسة، والنظر في الكتاب بالعين والفكر هو الاقبال نحوه بهما، ونظر الدهر اليهم أي أهلكهم وهو إقباله نحوهم بشدائده، والنظير المثيل، فإنك إذا نظرت إلى أحدهما فقد نظرت إلى الآخر، وإذا قرن النظر بالقلب فهو الفكر في أحوال ما ينظر فيه، وإذا قرن بالبصر كان المراد به تقليب الحدقة نحو ما يلتمس رؤيته مع سلامة الحاسة.
١٦٢ - الفرق بين قولنا استشرفه ببصره ومد إليه بصره: أن قولنا استشرفه ببصره معناه أنه مد إليه بصره من أعلاه.