سادساً: إنه من مصنفات إمام له قدم راسخ في العلم والفهم، متحرر من ربقة التقليد والتعصب، وهو شيخ الإسلام بحق. لهذه الأسباب وغيرها، اخترت هذا الكتاب "كتاب الاستغاثة في الرد على البكري لشيخ الإسلام ابن تيمية" تحقيقاً ودراسة، وذلك في أطروحة الماجستير، وقد أيد هذا الاختيار أساتذتي في قسم الثقافة الإسلامية.
وقد واجهتني بعض الصعوبات عند تسجيل الموضوع وعند العمل فيه، منها:
أولاً: إن هذا الكتاب لم يحظ بما حظيت به كتب الشيخ الأخرى من الحفظ والعناية، فقد فُقد منه أوله، وقد بذلت كثيراً من الجهد والوقت في البحث عنه ولم أجد أي ذكر له، ولربما كان هذا سبباً في إعراض كثيرٍ من الباحثين المهتمين بتراث هذا الإمام عن تحقيقه، فأملي من القراء الكرام من وجد شيئاً من ذلك أن يرشدني إليه مشكوراً مأجوراً مجزيّاً من الله خيراً.
ثانياً: عدم ذكر فهارس المخطوطات والمصادر العلمية لهذا الكتاب أو أي معلومات عنه إلا فيما ندر، ويدل على ذلك أن جميع النسخ الخطية التي اعتمدت عليها لم ترد في فهرسٍ متداول.
ثالثاً: عدم تعاون بعض دور المخطوطات.
رابعاً: مع كثرة ما استطعت جمعه من مخطوطات الكتاب إلا أنه وللأسف يوجد فيها سقط وتحريف وتصحيف، وقد أمضيت أوقاتاً طويلة محاولاً إكمال سقط أو إصلاح تحريف؛ أو تصحيف، كما قال بعضهم:
"ولربما أراد مؤلف الكتاب أن يصلح تصحيفاً، أو كلمة ساقطة، فيكون إنشاء عشر ورقات من حر اللفظ، وشريف المعاني، أيسر عليه من إتمام ذلك النقص حتى يرده إلى موضعه من اتصال الكلام"(١).
قلت: هذه الصعوبة على الكاتب نفسه، فكيف بغيره مع بُعد الزمن، وقصور الهمم، وقلة البضاعة.
(١) الحيوان للجاحظ، ت. عبد السلام هارون ١/ ٧٩، ط. الثانية، الناشر مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر.