للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلمين، وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين المسلمين (١)، فإن أحدًا منهم ما كان يقول -إذا نزلت به تِرة (٢) أو عرضت له حاجة- لميت يا: سيدي فلان أنا في حسبك، أو اقض حاجتي!!، كما يقول بعض هؤلاء المشركين لمن يدعونهم من الموتى والغائبين.

ولا أحد من الصحابة استغاث بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد موته؛ ولا بغيره من الأنبياء لا عند قبورهم ولا إذا بعدوا عنها!! [وقد كانوا يقفون تلك المواقف العظام في مقابلة المشركين في القتال، ويشتد البأس بهم ويظنون الظنون، ومع هذا لم يستغث أحد منهم بنبي ولا غيره من المخلوقين] (٣)، بل ولا أقسموا بمخلوق على الله أصلًا، ولا كانوا يقصدون الدعاء عند قبور الأنبياء، ولا الصلاة عندها.

وقد كره العلماء كمالك وغيره أن يقوم الرجل عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو لنفسه، وذكروا أن هذا من البدع التي لم يفعلها السلف (٤).


(١) في (ف): الإسلام.
(٢) في (ف) مضرة وفي (ح) شدة. ترَة أي النقص، ويقال وتره حقه وماله، نقصه إياه. لسان العرب لابن منظور ٥/ ٢٧٤ مادة تر، وفي لغة تميم الكسر والفتح في لغة الحجاز. المصباح المنير ص ٢٤٨ مادة وتر.
(٣) ما بين المعقوفتين من (د) وسقط من الأصل و (ف) و (ح).
(٤) قال بهذا المتقدمون من الصحابة والتابعين وغيرهم، نقل ابن فرحون عن ابن عساكر قال: قال ابن عساكر: والذي بلغنا عن ابن عمر -رضي الله عنهما- وغيره من السلف الأولين الاختصار والإيجاز في السلام جدًا. انظر: إرشاد السالك إلى أفعال المناسك، تأليف ابن فرحون المالكي، تحقيق محمد بن الهادي أبو الأجفان (الطبعة الثلاثية الرابعة لسنة ١٩٨٨ م الناشر وزارة الثقافة والإعلام بتونس).
وروى عبد الرزاق في مصنفه ٣/ ٥٧٦ رقم ٦٧٢٤ عن نافع قال: كان ابن عمر إذا قدم من سفر أتى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبتاه، وأخبرناه عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: فذكرت ذلك لعبيد الله بن عمر فقال: ما نعلم أحدًا من أصحابه - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك إلا ابن عمر. والسند صحيح.
وفي مصنف ابن أبي شيبة ٣/ ٢٨ رقم ١١٧٩٢ سئل هشام: أكان عروة يأتي قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: لا.
وتابع الإمام مالك السلف -ابن عمر وغيره- في ترك التطويل، قال مالك: لا أرى أن =

<<  <   >  >>